الشركة الوطنية للصناعة و المناجم … إنجازات بين التسمين والتقزيم

الشركة الوطنية للصناعة و المناجم … إنجازات بين التسمين والتقزيم
الشركة الوطنية للصناعة و المناجم (سنيم) للتذكير هي شركة تعدين موريتانية رائدة في مجال استخراج ومعالجة و تصدير خام الحديد و لها دور حيوي في الاقتصاد الوطني و تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي.
تأسست في سبعينات القرن الماضي بعد تأميم (ميفارما) و تمتلك خط سكك حديدية يربط منجمها في الزويرات بميناء انواذيبو، بالإضافة إلى ذلك تساهم في تنمية
المجتمع المحلي في شمال البلاد بشكل كبير.
أعلن مجلس إدارة الشركة 11مارس 2021 اسم المهندس محمد فال ولد التليميدي إداريا
مديرا عاما للشركة الوطنية للصناعة و المناجم (سنيم).
دخلت اسنيم بذلك مرحلة جديدة و شهدت تحت إدارته قفزات نوعية في مجالات مختلفة، حيث حققت مستويات قياسية في إنتاج خام الحديد و تحسين عمليات الاستخراج و تطوير البنية التحتية و دعم المجتمع.
خلال العام 2024 تجاوزت اسنيم حاجز 14 مليون طن، فكانت سخية و انعكس ذلك على عمالها من خلال تشجيعات نذكر منها :
ــ التحفيزات المالية المعتبرة و الوحدات السكنية في مدينة الزويرات و القطع الأرضية في مدينة انواذيبو بالقرب من شاطئ كابانو 1 و التي هي ذات قيمة مالية كبيرة، لكن هذ السخاء لم يشمل فئات العمال غير الرسميين في اسنيم و الذين هم عصبة إنتاجها
و عمودها الفقري و الذين كان يحدوهم أمل كبير في هذه الإدارة وفي شخص الإداري المدير العام أملت أن ينالها نصيب من ذلك و تصحيح وضعية هذه الشريحة الكبيرة.
لكن مع ذلك فقد تم غض البصر و إدارته عن حزمة من المشاكل و التحديات و التي طالما همشت و تركت في الرفوف.
إنه من دواعي الحزن العميق و التأثر الشديد أن تشارك في العمل و لا تعطى من الحصاد، و كان الأجدر عكس ذلك.
إن الإنجازات والنجاحات تبرز الصعوبات والتحديات وتضع على العاتق مسؤوليات اكثر و توجب
التحلي بالحكمة و العزم و البصيرة لضمان الاستمرار، هنا لا ضير من تسليط الضوء قليلا على مشكلة قديمة متجددة يشكل الصدق في التعامل معها تحديا حقيقيا لشركة اسنيم و هي أوضاع العمال غير الرسميين لديها.
أنشأت شركة اسنيم في أكتوبر 2025 فرعا جديدا منها أطلقت عليه اسم ‘‘أكو بارت‘‘ بهدف مركزة و تسيير عقود المقاولات و مقدمي الخدمات.
على الرغم من الهدف النبيل ل‘‘أكو بارت‘‘ تطفو على السطح تحايلات بعض شركات المقاولة التي تسعى للاستفادة من الثغرات أو التهرب من الرقابة المشددة ومن بين تلك الأساليب:
ــ التلاعب بالعقود وتحديدا تسجيل تاريخ بدء عمل يقل عن التاريخ الفعلي وهو ما يعد
شكل من أشكال الاحتيال الوظيفي الذي يهدف إلى التهرب من الالتزامات القانونية وحقوق العمال
ــ التلاعب بالتأمين الصحي: حيث يتم الاتفاق مع العامل في تاريخ عمل فعلي، و لكن في التسجيلات و التأمين يتم تسجيل تاريخ لاحق، بل هناك شركات مقاولات بشر قامت بالتأمين على عمالها في هذا العام فقط بعد ظهور شركة‘‘ اكو بارت‘‘ و كأنها بدأت العمل معهم منذ هذ العام فقط. وبعض الشركات يقتصر التأمين فيها على عدد محدود من العمال بينما يتم إخفاء أمر الآخرين أو تأمينهم بتاريخ غير صحيح.
هذه بعض من أساليب التحايل على الحقوق من طرف مقاولي البشر في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم (سنيم) وليست كلها ما يجعل المراقب للأوضاع يصاب بالاعتقاد أن من أسباب تحايل بعض شركات مقاولة البشر هي علاقات شخصية أو تجارية مع مسؤولين بالشركة
في مستويات معينة، مما يسهل تمرير بعض التجاوزات بعيدا عن أعين الرقابة المباشرة لـ ‘‘ أكو بارت‘
واجه العمال غير الرسميين (الجورنالية) في شركة اسنيم لسنوات عديدة العديد من الصعوبات و المشاكل تشمل غياب عقود عمل رسمية تضمن حقوقهم، وعدم
الاستفادة من التغطية الصحية والضمان الاجتماعي، والتعرض لظروف عمل صعبة دون حماية كافية، وأحيانا كثيرة التأخر في استلام الرواتب و خاضوا إضرابات عمالية عديدة مطالبة بالإصلاح من اكبرها إضراب 2015 الذي استمر قرابة شهرين و تسبب بشلل كبير للشركة، و مع ذلك مازالت هذه الفئة تعاني الصعوبات والمشاكل ولتحسين أوضاعهم يتطلب ذلك مقاربة شاملة تجمع بين الإرادة السياسية، والالتزام المؤسسي.
إن من أبرز التحديات التي يواجهها العمال غير الرسميين و التي ينبغي على شركة ‘‘أكو بارت ‘‘ وضعها نصب الأعين والتعامل معها من أجل حلول فعالة و مستديمة: هشاشة الوضع القانوني: العمل بعقود مؤقتة أو شفهية يجعلهم عرضة للفصل التعسفي ويحرمهم من الاستقرار الوظيفي.
التلاعب بتاريخ العمل والتأمين: حيث يكون العامل قد أمضى سنوات عديدة من العمل ويسجل في العقد أو التأمين بتاريخ قريب ما يشكل خطرا على العامل
غياب الحماية الاجتماعية: لا يستفيد الكثير منهم من خدمات الصندوق الوطني
للضمان الاجتماعي أو التغطية الصحية، مما يعرضهم لمخاطر صحية ومالية جسيمة.
ظروف العمل القاسية: يواجه العديد منهم ظروف عمل صعبة، خاصة في مناطق التعدين الصحراوية، دون توفر وسائل الحماية والسلامة الكافية.
تدني الأجور والحوافز: أجورهم متدنية بالمقارنة مع نظرائهم الرسميين، ولا يستفيدون من الزيادات أو الحوافز المتعلقة بزيادة الإنتاج على الرغم من
مشاركتهم في الإنتاج.
الخلاصة
إن تحسين أوضاع عمال سنيم غير الرسميين ليس مجرد مطلب اجتماعي عادل، بل هو استثمار في استقرار الشركة وزيادة إنتاجيتها. من خلال إدماج وترسيم أصحاب الكفاءة من العمال الغير رسميين (الجرنالية) أو الالتزام بتوفير عقود عمل رسمية، وضمان الحماية الاجتماعية، وتحسين ظر وف العمل والأجور.
يمكن لشركة اسنيم أن تعزز المناخ الاجتماعي السلمي وتضمن كرامة وحقوق جميع عامليها.
هذه الخطوات ستعكس التزام الشركة بمسؤولياتها الاجتماعية والقانونية، وتساهم في بناء علاقة ثقة مستدامة مع القوة العاملة التي تدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
محمد الأمين القاسم







