وزير الداخلية والأحزاب والصحافة والنقابات العمالية ؟!
يقول خصوم وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين إنه يعمل جاهدا، منذ توليه منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية، على تغيير المشهد السياسي والنقابي على مستوى الأحزاب والصحافة والنقابات العمالية في البلد. وفي هذا الصدد يؤكد هؤلاء أن الرجل خلق “جماعته” من الصحافة وهي التي أصبحت تستحوذ على كل الامتيازات المادية والمعنوية في موريتانيا، معتمدا في ذلك على “معايير غير مهنية وإنما خصوصية جدا” بينها “الانتماء لتنظيم الإخوان والجناح اليساري الفرانكفوني” فضلا عن الاهتمام ببعض “الجهات”، لذلك أصدر الرجل تعليماته باعتماد حوالي 20 عنوانا صحفيا ليس بينها سوى خمس مؤسسات صحفية جادة، لتمثل الصحافة في مختلف المحافل الرسمية، وهو ما من شأنه القضاء على بقية المؤسسات الصحفية المهنية التي لم تعد لديها موارد مالية من الدولة كما أن مصادر الأخبار محجوبة عنها، إلا ما انتزعته بوسائلها الخاصة، وهنا يتساءل هؤلاء: “هل من مصلحة نظام ديمقراطي تعددي أن يقضي على التعددية النقابية في المشهد الإعلامي، ولمصلحة من؟”
وفي سياق متصل تشكو الأحزاب السياسية المعارضة من التضييق، ليس فقط على مستوى “تزوير الانتخابات” بل فيما يتعلق بالتدخل في شؤون الأحزاب الداخلية بغية تفكيكها” ويضربون أمثلة على ذلك بحزبي اتحاد قوى التقدم والصراع بين جناحي ولد مولود وخاديجاتا مالك جالو، ثم حزب تكتل القوى الديمقراطية الذي يصف قياديوه بعض عناصر مكتبه التنفيذي بوسم “خلية وزارة الداخلية” متهمين وزير الداخلية بالتنسيق معهم لإضعاف الحزب وتفكيكه، وإبعاده عن دائرة التأثير. كما تتهم العديد من الأحزاب قيد الترخيص الوزير بأنه “اختلق مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية لمنع الأحزاب الجماهيرية المؤثرة من الترخيص وترك المجال متاحا لحلها من طرف الوزير في حالة مخالفتها للقانون وهو ما يعتبرونه خطرا محدقا بالديمقراطية الموريتانية التي انتعشت منذ منتصف التسعينيات وحتى 2020.
وترى بعض المركزيات النقابية العمالية أن الرجل تدخل في المجال النقابي لمنع التعددية والحد من تأثير النقابات العمالية بغية التحكم فيها تأثيرا وتمويلا، وهو ما أثر سلبا على أداء العديد من النقابات العمالية الوازنة التي لا توصف بأنها موالية، رغم أن العمل النقابي يفترض أنه بعيد عن السياسة.
ويقول خصوم الرجل إنه يدعم تنظيم الإخوان في موريتانيا ويعتقدون أن صعود مرشح الإخوان في الرئاسيات الماضية ليحتل المرتبة الثالثة بصورة لافتة كان بدعم غير مباشر من وزير الداخلية وذلك حتى يظل تأثير الإخوان قائما في المشهد السياسي الوطني. كما يقول خصومه إنه يدعم أحد رموز الإخوان الذي يترأس مشروع حزب سياسي “متعدد الانتماءات” على أمل أن يكون له مستقبل واعد في المشهد، وهو الرجل الذي يدعم الرئيس الغزواني ونظامه وله علاقات خاصة جدا بوزير الداخلية. هذا فضلا عن علاقاته الخاصة جدا ببعض إعلاميي تنظيم الإخوان الذين يحظون بدعمه المعنوي والمادي.
ورغم كل هذه الاتهامات، إلا أن الرجل لم يدافع عن نفسه عبر “المنابر الإعلامية” المحسوبة عليه، ولو تلميحا، خاصة وأن اتهامه بالارتباط بالإخوان جاء لأول مرة وبصورة علنية في تصريح صحفي للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لكن الرجل لم يرد على هذه الاتهامات، فما الذي يعنيه ذلك؟
أبو محمد
من زاوية بلا قناع في العدد 821 من أسبوعية التواصل بتاريخ 29 دجمبر 2024