ذكرى انقلاب 8 يونيو 2003 / شيخنا محمد سلطان

تحل ذكرى انقلاب فرسان التغيير الذي استهدف وضع نهاية لنظام معاوية ولد الطايع وهي ثاني محاولة انقلابية استطاعت أن تهز أركان النظام بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي دبرتها أفلام.
لا أريد هنا العودة إلى تلك الأحداث الأليمة و ما ترتب عليها من سفك لدماء أبرياء و ٱخرين قتلوا في خضم الاقتتال بين العسكريين، و إنما سأقوم بمقارنة بين المحاولتين الانقلابيتين من حيث المشتركات ونقاط الاختلاف و الأهداف.
في كلا المحاولتين تم تدبير الانقلاب من طرف عناصر من قومية واحدة يحسبون على الحركتين:
القومية الزنجية أفلام في المحاولة الأولى.
و القومية العربية الناصرية في المحاولة الثانية.
كانت محاولة أفلام أكثر تنظيما و أدق تخطيطا، بسبب البعد الخارجي الذي نظر لها و مولها. و لها حاضنتها السياسية الشريكة في الإعداد و التخطيط والاستعداد لاستلام السلطة.
في حين كانت حركة فرسان التغيير أكثر فوضوية و أقل خبرة، وليس لها بعد خارجي و لا تمتلك حاضنة سياسية قومية مدنية لها.
فالتنظيم الوحدوي الناصري في موريتانيا كان قد اتخذ قرارا منذ اللحظة الأولى بالابتعاد عن المؤسسة العسكرية وقطع الصلة السياسية بأي فرد منه بمجرد أن يلتحق بالجيش.
و من المفارقات أن الحاضنة السياسية التي تبنت فرسان التغير كانت حركة الإخوان المسلمين الموريتانية و هو ما يدفع إلى طرح سؤال جدي:
هل تم اختراق تنظيم فرسان التغيير من طرف الإخوان المسلمين قبل الانقلاب أم هو مجرد انتهاز للفرصة لملء الفراغ الناتج عن غياب الحاضنة السياسية القومية للانقلابيين.
كان لانقلاب أفلام 1987 برنامج ذو أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، يستهدف الاستيلاء على السلطة والسيطرة على كل مفاصل الدولة ليحل الزنوج محل العرب في كل الدوائر المهمة في الدولة والاستيلاء على المؤسسات الاقتصادية المملوكة من طرف العرب حسب ما ادعى النظام في تلك الفترة.
في حين لم يعرف عن حركة فرسان التغيير برنامج معين أكثر من إزاحة نظام أنهك فساده الدولة و كاد يقضي عليها.
لم يكن من أهداف فرسان التغيير المساس بمصالح أي قومية من مكونات المجتمع الموريتاني.
كانت ردة فعل النظام قوية اتجاه الحواضن الاجتماعية للانقلابيين في كلا المحاولتين، فقد تم تسريح و اعتقال مئات الضباط ممن يحسبون على حركة أفلام بل تعداه إلى عسكريين ٱخرين من قومية بولار ليسوا بالضرورة من اتباع أفلام، حسب ما يدعى نشطاء افلام، تماما مثل ما حدث من تسريح واعتقال لمئات الضباط الذين يحسبون فكريا على الحركة الناصرية وكثير منهم لا علاقة لهم بتنظيم فرسان التغيير، بل إن السجن والطرد شمل أبرياء ٱخرين من قبائل انقلابيي فرسان التغيير لا دخل لهم بتلك المحاولة.
إن كان انقلاب 2003 قد فشل في اسقاط نظام معاوية ولد الطايع فإنه قد عجل بسقوطه تماما مثلما أحدثته انتفاضة ابريل 1984 الناصرية لنظام هيدالة.
فهل قدر الناصريين في موريتانيا تقويض أركان الأنظمة الديكتاتورية الفاسدة لتسقط فيستولي على السلطة غيرهم .
سؤال يحتاج إلى الدراسة والتحليل لاستخلاص العبر.
شيخنا محمد سلطان.