رئيس حزب الصواب في لقاء مع "التواصل": اللجنة الانتخابية مخترقة من طرف الحكومة ولا وجود لحياد الإدارة

اثنين, 08/05/2023 - 23:45

أكد رئيس حزب الصواب المعارض السيد عبد السلام ولد حرمة أن اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات تعمل تحت إمرة الحكومة وأنها تفتقر إلى الكفاءة في أداء مهامها، مشددا على أنها أثبتت عجزها في عدة مواقف بينها الأخطاء المرتكبة في نشر اللوائح الانتخابية والنسب المئوية لكل حزب، كما أنها اعتمدت رؤساء مكاتب التصويت المقدمين لها من طرف وزارة الداخلية عكسا للاتفاق مع الأحزاب السياسية.

وقال رئيس حزب الصواب، في حوار مع صحيفة التواصل، الصادرة يوم الاثنين 08 مايو 2023 م، إن الأحزاب السياسية تشعر بأنه لا توجد فرص متساوية للمتنافسين في الانتخابات وأن رئيس الجمهورية والوزير الأول وبعض وزراء الحكومة أكدوا بسلوكهم وتصريحاتهم، أن حزب "الإنصاف" هو حزب الدولة وأن وسائل الدولة ومقدراتها مخصصة لدعم هذا الحزب على حساب بقية الأحزاب الأخرى بما في ذلك أحزاب الأغلبية،وهو ما يعني انعدام الحياد الذي يفرضه القانون على الحكومة، كما تحدث ولد حرمه عن مساواة الأحزاب في الدعم الأخير رغم أن بينها أحزاب قدمت 150 لائحة بلدية وأخرى قدمت 7 لوائح فقط  حيث طالب بمعايير منصفة.

وأضاف أنه لا يمكن للانتخابات أن تكون نزيهة إلا إذا خلت من ضغوط الدولة وسلطات الدولة، وتتوفر لدى جميع المتنافسين نفس الفرص للوصول إلى الناخب وللاستفادة من حياد الدولة

وخاطب المواطنين بقوله إن الانتخابات البلدية والتشريعية والجهوية هي فرصة لا تتكرر سوى كل سنوات لذلك فالوعي مطلوب بضرورة اختيار من سينحاز للوطن والمواطن، موضحا أن تصريحات وتهديدات الوزير الأول وبعض الوزراء الأخيرة تؤكد أن الإدارة منحازة لحزب واحد وهو ما يتنافى مع القيم الديمقراطية مطالبا بالحد الأدنى من الشفافية في الاقتراع المزمع يوم 13 مايو الجاري.

وهذا نص الحوار:

التواصل: ما هو تقييمكم، كحزب سياسي وطني، لمسار التحضير للانتخابات القادمة وكيف كان تعاطي الداخلية مع الأحزاب السياسية؟

د.عبد السلام حرمة: تقييمنا لحملة الانتخابات الجارية هو أنها تشتمل على بعض من خيبة الأمل حيث لم يتم احترام بنود الاتفاق السياسي الذي وقعته الأحزاب السياسية مع وزارة الداخلية والذي يتضمن ستة عشر نقطة وهي ما  بين نقاط لم تنفذ  الحكومة أو أخرى لم يتم احترامها، وأهم ما تم تنفيذه منها هو اللجنة الوطنية للانتخابات التي ظلت تحت ضغوط واختراقات الحكومة وهو ما نفهمه من سلوكها حيث حددت تاريخا سريعا وغير مناسب للانتخابات وذلك في شهر مايو حيث ترتفع الحرارة بشدة بينما كان لدى اللجنة أربعة أشهر إضافية يمكنها أن تحضّر فيها للعملية الانتخابية بشكل أفضل كما أن اللجنة لم تلتزم بما طُلب منها من ضمانات الشفافية حيث أجرت الإحصاء بطريقة سريعة والتقارير حوله أثبتت أنه لم يكن متقنا وكان يتم بالوكالة وتم تسجيل الأشخاص غير الموجودين أصلا من متوفين وقاصرين كما رفضت اللجنة اعتماد أجهزة البصمة لتأكيد هوية المصوتين، وكان تم الاتفاق معهم على أن يتم تعيين رؤساء مكاتب التصويت بالتشاور مع الأحزاب السياسية لكن اللجنة اعتمدت رؤساء مكاتب مقترحين من طرف الإدارة، وهم نفس رؤساء المكاتب ومراقبي المكاتب الذين قاموا بالتزوير في الاستحقاقات السابقة والعملية الانتخابية برمتها تعتمد عليهم. هذه مجرد نماذج من اختراق اللجنة الوطنية للانتخابات التي تم اكتتاب طاقمها بطرق غامضة وبعيدة عن الشفافية والكفاءة.

التواصل: هل تعتقدون أن الإدارة محايدة بالفعل، أم أنها منحازة لحزب أو أحزاب بعينها؟

  د.عبد السلام حرمة: الإدارة ليست محايدة وهي نفسها من تقول بذلك علنا،  فرئيس الجمهورية يستقبل قيادة حزب معين في القصر الرئاسي، في حين تقول المادة 27 من الدستور إن رئيس الجمهورية لا ينتمي لأي حزب سياسي لأن ذلك يتعارض مع مهامه السامية كرئيس للجمهورية ومضمون هذه المادة هو إلزامية ابتعاده عن الحياة السياسية المباشرة، فحين يستقبل قادة الأحزاب السياسية في القصر الرئاسي  ويلتقط معهم الصور فهي إشارة واضحة إلى أن هذا الحزب هو حزب الدولة وغيره ليس حزب الدولة، بل إنه لم يكتفي بمجرد الإشارة فأرسل وزراءه لتأكيد ذلك بما في ذلك الوزير الأول في تصريحاته الأخيرة. بمعنى أننا، بعد تصريحات الوزير الأول الأخيرة، نواجه الدولة وإدارة الدولة وأمن الدولة، ومال الدولة وبنيتها الإدارية وهكذا فنحن لسنا في مواجهة مع حزب سياسي وإنما نواجه الدولة من رئيسها إلى وزيرها الأول إلى وزرائها الذين يهددون بصورة صريحة وعلنية كل من يصوت ضدهم وبالتالي فلا يمكن الحديث عن حياد الإدارة الآن.

التواصل: كيف تقيمون أداء وتعاطي اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات حتى الآن، وهل تقف على مسافة واحدة من الجميع؟

د.عبد السلام حرمة: نرى أن اللجنة الانتخابية بعيدة من المستوى ومن الكفاءة، فمثلا في عملية إيداع ملفات الترشح لدى اللجنة انتظرنا نتائج عدد لوائح البلديات ونسبهم وتوزيعهم بين الأحزاب السياسية، حيث حصل الكثير من الأخطاء وحصلنا على نتائج غير دقيقة ليتم تصحيحها وكان كل رئيس مكتب ورئيس قسم في مختلف بلديات موريتانيا لديه تعليمات مغايرة عن التعليمات التي لدى زملائه الآخرين، كما اكتتبت اللجنة طاقما بعيدا عن المعايير الواضحة ولم يحصل هذا الطاقم على التكوين الكافي بفعل تعجل اللجنة، لذلك، وكما قلت سابقا، فالدولة اختطفت اللجنة وتريد أن تحقق بها مآربها السياسية في هذه العملية، لذلك فتقييمنا لها لحد الآن هو أنها مخيبة للآمال ونتطلع إلى الحد الأدنى من الشفافية في عملية الاقتراع وبوادر ذلك ليست لدينا حتى اللحظة.

التواصل: هل تسير الحملة الانتخابية في ظروف مقبولة برأيكم، أم أن لديكم مآخذ عليها وما هي؟

د. عبد السلام حرمة: سؤالكم عن الحملة الانتخابية سيقودنا إلى سؤال آخر، فالحملة الانتخابية تعتمد أساسا على الوسائل والإمكانيات، وجرت العادة أن تدعم الدولة الأحزاب السياسية، وقانون دعم الأحزاب السياسية، سواء الدعم الدائم أو الدعم في الحملات، يعتمد أساسا على نتائج البلديات، وفي الحملات يتم اعتماد الدعم في العملية السياسية على أساس عدد البلديات، لكننا الآن نجد شيئا مغايرا حيث ساووا بين جميع الأحزاب في هذا الدعم سواء الأحزاب التي قدمت 150 لائحة بلدية مثل حزبنا، وبين من تقدم بسبع لوائح بلدية فقط، وهو ما نعتقد أن إضرار بهذه الأحزاب المنافسة في عموم التراب الوطني مع أن جميع الأحزاب تستحق الدعم، إلا أن في هذه العملية ما يطرح علامة استفهام حول غياب معايير منصفة بين الأحزاب مع التباين في الإمكانيات بالنسبة لمن يقدمون في 150 بلدية ومن يقدمون في سبع بلديات مثلا!؟

التواصل: بم تعلقون على تصريحات الوزير الأول الأخيرة، ومتى برأيكم، تكون الانتخابات نزيهة وشفافة؟

د. عبد السلام حرمة: موقفنا من تدخل الدولة وتهديدات كبار مسؤوليها يترتب عليه الشق الأخير من سؤالكم حول شروط نزاهة الانتخابات، لذلك أعتقد أنه لا يمكن للانتخابات أن تكون نزيهة إلا إذا خلت من ضغوط الدولة وسلطات الدولة ، وتتوفر لدى جميع المتنافسين نفس الفرص للوصول إلى الناخب وللاستفادة من حياد الدولة، إضافة الوعي السياسي والمدني وفهم المواطنين أن المعارك السياسية هي معارك تحدد مصير البلاد كل خمس سنوات من خلال تسييره المحلي (البلديات) والجهوي (المجالس الجهوية) والتشريعي (البرلمان) الذي هو مصدر التشريع في البلاد ورقابة أداء الحكومة.

لكن ما تقوم به الحكومة حاليا وعلى رأسها الوزير الأول من تهديدات وتبن لحزب الإنصاف لا يؤشر على أن العملية ستسير في الاتجاه الطبيعي ولن تكون كذلك ما لم ترفع الحكومة يدها عن استخدام وسائل وأشخاص الدولة في العملية السياسية لصالح حزب سياسي بعينه وتترك أمام الجميع ذات الفرص لمنافسة نزيهة وشفافة.

حوار: أحمد مولاي محمد