السفير الفلسطيني في نواكشوط لــ"التواصل": النظام الرسمي العربي في أسوء حالاته ويعيش حالة انهيار غير مسبوقة (نص المقابلة)

أحد, 16/08/2020 - 00:10
السفير الفلسطيني خلال لقائه مع "التواصل"

قال سعادة السفير الفلسطيني في نواكشوط، ماجد محمد هديب، إن هناك حالة من الانسجام التـــــــــام والتطابق الكامل بين الموقف الشعبي والرسمي الموريتاني من القضية الفلسطينية ومن أسلوب وطريقة دعمها ومساندتها. وأن العلاقات الفلسطينية الموريتانية قديمة ومتميزة وفي تطور في مختلف المجالات الحيوية، مبينا أن موريتانيا كانت من أوائل الدول التي فتحت مكتبا لحركة فتح على أراضيها قبل أن يتحول إلى مكتب رسمي لمنظمـــــــــة التحرير الفلسطينيــــــــــــة ومن ثم الى سفارة دولـــــــــــة فلسطين،

وأوضح سعادة السفير ماجد هديب في مقابلة مع "التواصل" أنه وتم توقيع العديد من البروتوكولات في مجال التعـــاون السياسي والتعليم والبحث العلمي والمجال الـــــــــزراعي والصيد البحري والثـــــــــــروة الحيوانية وغيــــرها بين فلسطين وموريتانيا،

وعن الوضع العربي العام قال السفير ماجد هديب: إن النظام الرسمي العربي في أسوء حالاته ويعيش حالة انهيار غير مسبوقة مصحوبة بحالة ارتباك وتخبط سياسي حيث الرؤيا فيه معدومة والبوصلة مفقودة والعديد من وحداته غارقة في حالة من عدم الاستقرار والاقتتال والصراع الداخلي المرير،

مبينا أن الموقف الرسمي العربي بشكل عام داعم للقضية الفلسطينية، ومع ذلك فهناك تباين واضح بشأن ما يسمى صفقة القرن بين الدول العربية ما بين رافض بوضوح وداعم لها، والدعوة إلى التروي قبل اتخاذ موقف منها، ففي حين رفضتها بعض الدول العربية مثل الأردن، الكويت، الجزائر، لبنان، موريتانيا، وغيرها.. كذلك جامعة الدول العربية في دورتها غير العادية في 1/2/2020 وأوضح السفير الفلسطيني أن (صفقة القرن) ولدت ميتة وسوف لن يكون مصيرها مغايرا لمصير غيرها من الصفقات المشبوهة التي طواها الزمن وذهبت أدراج الرياح

وفي حديث سعادة السفير ماجد هديب عن تفشي كورونا كظاهرة صحية عالمية خطيرة وإمكانية أن تكون لهذا الفيروس علاقة بالسياسة أوضح أن " السياسة ليست بعيدة ولا بريئة من هذا الفيروس الخطير، متمنيا أن يجد اهل الاختصاص لقاحا وعلاجا شافيا لها"

وهذا نص المقابلة.

التواصل: بدايـــة ستحدثوننا عن موريتانيـا، كيف وجدتموها حكومـة وشعبـا ومنـاخـا ومواقـف من القـضية الفلسطينية؟

السفير ماجد هديب: بداية الشكر والتقدير على إتاحة الفــــــــــــرصة لي للتواصل مع القارئ الموريتــــاني من خــلال هذا المنبــر الإعلامي المميز (مجموعة التواصل الإعلامية).

في الحقيقة وجدت موريتانيـا بالتمام كما وصفهـــــــــا لي بعض زملائي من سفراء دولـة فلسطين الذين خدموا قبلـي في موريتانيــا ومن خلال ما تعلمته من كتب التاريخ والجغرافيا خلال سنوات الدراسة، بلد هـادئ، آمن، جميـل بأهله وناسه، والشعب الموريتاني يعشق فلسطين ومسكون بحبها، وعندما يكون الموقف الشعبي هكذا بهذه الـروعة والعظمة فحتما سيكون الموقف الرسمي كذلك بنفس المستوى...

الحقيقة أن هناك حالة من الانسجام التـام والتطابق الكامل بين الموقف الشعبي والرسمي الموريتاني من القضية الفلسطينية ومن أسلوب وطريقة دعمها ومساندتها.

التواصل: ما هو تقييمكم للعلاقات الموريتانية الفلسطينية؟ وهل هناك خطوات مقبلـــــــة لتعزيز التعاون الثنـائي وما هي أهم مجالاته؟

السفير ماجد هديب: العلاقات الفلسطينية الموريتانية مميزة وقديمة وتعود جذورها إلى ستينيات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت وهي في تطور دائم ومستمر... موريتانيا كانت من أوائل الدول التي فتحت مكتبا لحركة فتح على أراضيها قبل أن يتحول إلى مكتب رسمي لمنظمـــــــــة التحرير الفلسطينيــــــــــــة ومن ثم إلى سفارة دولـــــــــــة فلسطين، ومن نواكشوط كـــــــانت تبث إذاعة الثـــــــــــــــورة الفلسطينية بشكل يومي، والعديد من القيـــــــــــــــــــادات والكوادر الفلسطينيـــــــة كانوا يحملون جوازات سفــــــــــــر موريتــــــــــــانيــــــــــــة في تنقلاتهم، وفي موريتانيـــــــــــــــــا كانت تعمل بعثة تعليمية فلسطينيــــــــــــــة مكونـــــــــــــة من مجموعة من المدرسيــــــــــــــن الفلسطينيين، وبعثة طبية وأخرى شرطية مازالت تقدم خدماتها حتى الآن.

وباستمرار تعليمات القيادة الفلسطينية للسفــــــــــــراء الفلسطينيين المعتمدين في موريتانيــــــــــــــا بالحـــــــــــــــرص على تنمية وتطوير العلاقات الثنــــــــائية وعلى كافة المستويات... وترجمة لهذه التوجيهات فقد عملت منذ وطئت قدمــــــاي نواكشوط قبل عام ونصف تقريبــــــــــا على تعزيز وتطوير هذه العلاقــــــــــــــــة والارتقـــــــــــــاء بها إلى المستوى الذي يليق بطموحــــــــــــــــات شعبينـــــــــــــا وبلدينـــــــــــــــا الشقيقين... وخلال هذه المدة زارت وفود فلسطينية رسمية عدة موريتانيا وأخرى موريتانية زارت فلسطين، إضافة إلى عدة زيارات من وفود فنية فلسطينية وخبـــــــــــــــــراء في عدة مجالات وتم توقيع العديد من البروتوكولات في مجال التعـــــــــــــاون السياسي والتعليم والبحث العلمي والمجال الـــــــــزراعي والصيد البحري والثـــــــــــروة الحيوانية وغيــــــــــــــرها.

التواصل : موضوع الساعة هو تفشي فيروس كورونا المستجد، هل تعتقدون انه مجرد فيروس عادي أم انه جاء نتيجة خطا في تجربة حرب بيولوجية بين بعض الدول العظمى كما جرى الحديث عن ذلك بداية؟

 السفير ماجد هديب: السياسة ليست بعيدة ولا بريئة من هذا الفيروس الخطير، والى أن تنجلي الأمور وتتضح الصورة، وهذا الأمر قد يطول، فإن جل اهتمام البشرية منصب على كيفية الوقاية من هذا الخطر الذي يتفشى وينتشر بسرعة ويحصد أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء ...

نأمل أن تتكلل الجهود التي تقوم بها المراكز المخبرية والعلمية في العديد من الدول بالنجاح في توفير علاج فعال وشاف لهذه الجائحة.

التواصل : لم تعد القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى عمليا، حيث نشاهد تجليات مختلفة للتطبيع السياسي والثقافي وحتى الاقتصادي مع الكيان العنصري الصهيوني من طرف أنظمة وفعاليات عربية مختلفة، برأيكم لماذا تتراجع محورية قضية العرب الأولى إلى هذا الحد؟

السفير ماجد هديب: للأسف هذه حقيقة، والحقيقة الأخرى أن النظام الرسمي العربي في أسوء حالاته ويعيش حالة انهيار غير مسبوقة مصحوبة بحالة ارتباك وتخبط سياسي حيث الرؤيا فيه معدومة والبوصلة مفقودة والعديد من وحداته غارقة في حالة من عدم الاستقرار والاقتتال والصراع الداخلي المرير... وعليه والحال هكذا فمن غير المستبعد ولا المستغرب أن تتزاحم الأجندات، وتتغير الاهتمامات، وتتبدل الأولويات لبعض الوحدات الفاعلة في النظام العربي... وبالتأكيد سيكون لحاله التردي والانهيار هذه ارتدادات في غاية السلبية على مجمل القضايا المصيرية للأمة وفي مقدمتها وعلى رأسها القضية الفلسطينية، نحن حذرنا ونحذر من كل محاولات الالتفاف على حقوقنا بما فيها التطبيع وكل أشكال الهرولة نحو دولة الاحتلال قبل إنهاء الاحتلال لكافة الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة وإحلال السلام العادل والدائم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، ونعتبر أن كل محاولات التطبيع أيا كان مصدره وشكله هدية مجانية ومكافأة لسلطات الاحتلال على انتهاكاتها وجرائمها بحق شعبنا وطعنة مسمومة في ظهر الشعب الفلسطيني ونضاله العادل.

التواصل : رفضت القيادة والشعب في فلسطين مشروع تصفية القضية الفلسطينية ممثلا فيما يسمى (صفقة القرن)، وكان لهذا الرفض ثمنه الباهظ، برأيكم هل فشل المشروع الترامبي الصهيوني هذا، أم أن لأصحابه عودة أخرى؟

السفير ماجد هديب: على مدى سنوات نضال شعبنا وكفاحه الطويل تعرضت القضية الفلسطينية للعديد من المؤامرات والمشاريع التصفوية ... لكن وعي شعبنا ويقظته و صموده الأسطوري على مدار تلك السنوات بدعم من أمته العربية والإسلامية وأحرار وشرفاء العالم أفشل كل محاولات تقويض الحقوق المشروعة لشعبنا وتصفية قضيته، وأفشل وأسقط كل المؤامرات ... وهذا بالتأكيد سيكون مصير صفقة العار التي ولدت بالأساس ميتة، وعقب كشف ترامب عن خطته المشؤومة، سارعت القيادة الفلسطينية إلى رفضها وإدانتها وجاء على لسان فخامة الرئيس محمود عباس "إن الخطة لن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهبت كل مشاريع التآمر في هذه المنطقة".

التواصل: إلى أي حد أثرت محاولة تسويق (صفقة القرن) على العلاقات العربية الفلسطينية، والعربية العربية؟ وهل يمكن القول إن (صفقة القرن فشلت فعلا)؟

السفير ماجد هديب: الموقف الرسمي العربي بشكل عام داعم للقضية الفلسطينية، ومع ذلك فهناك تباين واضح بشأن ما يسمى صفقة القرن بين الدول العربية ما بين رافض بوضوح وداعم، والدعوة إلى التروي قبل اتخاذ موقف منها، ففي حين رفضتها بعض الدول العربية مثل الأردن، الكويت، الجزائر، لبنان، موريتانيا، وغيرها.. كذلك جامعة الدول العربية في دورتها غير العادية في 1/2/2020 ، واعتبرتها لا تلبي الحد الأدنى من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني، وتخالف مرجعيات عملية السلام المستندة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، كذلك رفضها الاتحاد البرلماني العربي في اجتماع له بمشاركة ممثلي 20 برلمان عربي في 8/2/2020، بالرغم من ذلك ظهر جليا تباين بين الموقف العربي الجمعي والفردي، ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الأمريكي ترامب بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض 28/1/2020 حضر سفراء ثلاث دول خليجية  المؤتمر بينما قاطعته باقي الدول العربية لكن العديد منها مثل السعودية والإمارات والبحرين رحبت بالجهود الأمريكية لتطوير الخطة الشاملة للسلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فيما دعت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها بالدراسة المتأنية للخطة الأمريكية للسلام والوقوف على كافة أبعادها.

باعتقادي أن هذه الصفقة ولدت ميتة وسوف لن يكون مصيرها مغايرا لمصير غيرها من الصفقات المشبوهة التي طواها الزمن وذهبت أدراج الرياح... ويجب ألا ننسى أن هناك إجماع عالمي على رفضها، فبالإضافة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي والاتحاد البرلماني العربي ومجلس الكنائس العالمي وغيرها من المنابر والاتحادات الإقليمية وحتى في أمريكا نفسها فقد وقع 107 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي على عريضة أعربوا فيها عن رفضهم لصفقة القرن.

التواصل: تسعى قيادة كيان الاحتلال الصهيوني لضم الضفة في عودة جديدة لتنفيذ حلم (إسرائيل الكبرى) وقد رفضت القيادة الفلسطينية وهددت باتخاذ مواقف حاسمة، ما هي طبيعة الرد الرسمي الفلسطيني على هذا الإجراء؟

السفير ماجد هديب:  المخطط الصهيوني يهدف إلى ضم أجزاء من الضفة الغربية بما فيها القدس وغور الأردن وشمال البحر الميت والمستعمرات مع الاستمرار في تهويد القدس وهدم البيوت وتوسيع المستعمرات ومصادرة الأراضي والترحيل القسري وذلك لتغيير التركيبة الديمغرافية وطابع وضع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في انتهاك سافر لقواعد القانون الدولي و مخالف لميثاق وقرارات الأمم المتحدة وخاصة قرارات مجلس الأمن الدولي بما في ذلك ... التي تحرم الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة.

إن خطوة الضم هذه إن أخذت طريقها إلى التنفيذ فإنها ستكون إعلان إسرائيلي بالتنصل وإلغاء كافة الاتفاقيات الموقعة من طرفها وإنهاء التسوية التفاوضية وستقضي على حل الدولتين المتفق عليه دوليا ... كما أنها ستضع المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين تحت السيادة والسيطرة الاسرائيلية الكاملة لتمرير مخططهم في ترويج روايتهم المزيفة لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم وستقود في النهاية إلى تحويل الصراع من سياسي الى ديني مما سيتسبب في زعزعة الاستقرار وتقويض الأمن والسلام الإقليمي والعالمي.

إن أي ضم أحادي الجانب من قبل دولة الاحتلال للأراضي الفلسطينية المحتلة كليا او جزئيا ليس له شرعية قانونية ويعتبر لاغ وباطل ولن يكون له أي اثر قانوني وستتم مواجهته والتصدي له على كافة المستويات... وسنقوم باتخاذ كافة الإجراءات والخطوات السياسية والقانونية والدبلوماسية والاقتصادية الممكنة بما في ذلك التحرك في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمحاكم الدولية وغيرها.

 التواصل: كيف ينجح الصهاينة في اختراق العواصم العربية، هل ذلك بسبب ضعف الدبلوماسية ام بفعل ارتماء أنظمة عربية مؤثرة في أحضان ترامب والاحتلال، ام ماذا؟

السفير ماجد هديب: حققت الدبلوماسية الفلسطينية في السنوات الأخيرة نجاحات وإنجازات بارزة على الرغم من شح الإمكانيات وصعوبة وقسوة الظروف خصوصا في ظل سياسة التهديد بفرض العقوبات التي لوحت بها الإدارة الأمريكية في وجه العديد من دول العالم والمنظمات الدولية ومع ذلك فقد تمكنت الدبلوماسية الفلسطينية من حصد المزيد من الاعترافات بدولة فلسطين ورسخت الشخصية القانونية للدولة ونجحت في تعميق علاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف بامتياز. وخير مثال على ذلك ترأس فلسطين لمجموعة 77 + الصين كذلك انضمام فلسطين لعشرات المنظمات والاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل اليونسكو ومحكمة الجنايات الدولية والانتربول واتفاقية فيينا للعلاقات الدولية واتفاقية فيينا للعلاقات القنصلية واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات واتفاقية حقوق الطفل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والعديد غيرها من الاتفاقيات، برأيي الفشل كان من نصيب النظام الرسمي العربي الذي وقف عاجزا أمام التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وأمام الأخطار الداخلية والخارجية التي تهدد النظام الرسمي العربي.

التواصل: هل من رسالة تودون إيصالها عبر منبر "التواصل"، الصحيفة والموقع، وخاصة للقارئ الموريتاني والعربي؟

السفير ماجد هديب:  سأقول لأهلنا وأحبتنا في موريتانيا ما قاله شاعر "سيدة الأرض" الراحل الكبير محمود درويش

هذه الأرض لا تتسع لهويتين

إما نحن أو نحن

نحن الباقون وهم العابرون

 

أجرى الحوار: أحمد ولد مولاي امحمد