ذ / سيدي المختار ولد سيدي لــ "التواصل": دستورنا علماني ولا توجد سوى سلطة واحدة لشخص واحد هو الرئيس ونقابة المحامين تعمل خارج الشرعية (مقابلة)

جمعة, 03/07/2020 - 18:52

قال المحامي الكبير الأستاذ سيدي المختار ولد سيدي، إن موريتانيا هي الدولة الوحيدة التي تجمع بين مفهوم الجمهورية والعقيدة الإسلامية مبينا أنهما نقيضان. وقال في هذا الصدد إن الدولة الوحيدة ضمن المستعمرات الفرنسية السابقة التي جمعت بين الجمهورية والإسلام هي موريتانيا، وهو ما يسود وجه كل قانوني موريتاني ويؤذي كل موريتاني قانوني فخور بوطنه وبتاريخه لأن هذا الجمع يجعلنا ببساطة نرفع شعار النفاق ويجعلنا أيضا كأننا نقول للعالم الإسلامي وللإنسانية جمعاء إننا نجهل دين الله

وأضاف الأستاذ سيد المختار في مقابلة جريئة مع "التواصل": "إن أخطر ما في الجمهورية كمبدأ دستوري هو ما يسمى بنكران سيادة الله والاعتراف بسيادة الشعب والتي هي نفي لعبودية الشعب لله"

وقال المحامي سيدي المختار إن الهيئة الوطنية للمحامين تعمل خارج الشرعية منذ تأسيسها وتخالف الدستور والنظم

وهذا نص المقابلة:

حاوره: أحمد ولد مولاي امحمد

التواصل: حين نتحدث عن الدستور الموريتاني، نجد من يقول إن فيه نواقص وثغرات كثيرة بعضها يتعلق باسم البلاد "الجمهورية الإسلامية الموريتانية" وعدم تطابقه مع قوانين الجمهورية، هل أنتم مع هذا الرأي؟ وأين الخلل في دستورنا؟  وهل يجسد الدستور إسلامية الدولة أم العلمانية؟

ذ/ سيدي المحتار: فعلا نحن نرى أن موريتانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي تجمع بين الجمهورية والإسلام أو على الأصح في العائلة المعروفة لدى القانونيين بعائلة القانون المدني أو الأنظمة التي تشترك مع بعضها بعضا في بعض التقاليد القضائية والقانونية اللاتينية الجرمانية، أو إذا أردت أن أبسط أكثر أقول إن الدولة الوحيدة ضمن المستعمرات الفرنسية السابقة التي جمعت بين الجمهورية والإسلام هي موريتانيا، وهذا طبعا يسود وجه كل قانوني موريتاني ويؤذي كل موريتاني قانوني فخور بوطنه وبتاريخه لأن هذا الجمع يجعلنا ببساطة نرفع شعار النفاق ويجعلنا أيضا كأننا نقول للعالم الإسلامي وللإنسانية جمعاء إننا نجهل دين الله، مع أن الموريتانيين عرفوا في العالم بأنهم أساطين العلم و أوعية العلم، خاصة العلم الشرعي، وأهل القرآن.

في بعض دول الجزيرة العربية لا يقبل أن يكون موريتاني سائقا أو عاملا يدويا، لماذا؟ لأن الجيل الأول من الشناقطة تركوا صورة ما زالت تقاوم الزمن، هذه الصورة تقول إن الموريتاني وعاء علم متنقل، علمه معه في السوق وفي البيت كما يقول الشافعي، وفي الحرم المكي وفي الحرم النبوي.

إذن في الحقيقة كوننا نرفع الجمهورية والإسلام معناه ببساطة أننا نرفع العلمانية والإسلام، بينما العلمانية دين والإسلام دين، العلمانية دين أرضي والإسلام دين سماوي.

إذن من يقول للعالم إنني علماني أو إسلامي كمن يقول للعالم إن دين الله حلل لكم الخمر وبالتالي كأنما يريد أن يشرع الخمر الحلال أو يتحدث عن الزنا الحلال أو يتحدث عن الإشراك الحلال أو يتحدث عن قتل الوالدين الحلال، بعبارة أخرى للأسف عنواننا يكشف عما لا يسرنا أو يكشف عن ما يسود وجوهنا في الدنيا وطبعا يسود وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه طبعا أعرف أن للتأسيس مخاضه سلبياته لكن آن لموريتانيا أن تفكر في من هي أن تعرف من هي.

لأنها إن لم تعرف من هي يصعب عليها أن توفق في الحصول على ما تريد، لأن معرفة الأنا شرط أساسي لمعرفة الآخر والتعامل معه.

طبعا أقول الجمهورية هي العلمانية لأن العلمانية داخلة قيمة من قيم الجمهورية، وبعبارة أخرى إن شئتم كما يقول عالم القانون المعروف في فرنسا "روبير بابنتا" وطبعا هو جمهوري أدرى، والجمهوريون أدرى منا بالجمهورية لأنهم من فطروها.

الجمهورية أثر من آثار العلمانية، كل دولة جمهورية كما يقول بابنتير أوتينك، إذا لم تخني الذاكرة، بابنتير و برينو، كل جمهورية تستند إلى العلمانية، هذه مبادئ دستورية قانونية ليس هذا دراسة ولا ظنا ولا تخمينا وإنما هو علم، كل جمهورية تستند إلى العلمانية ولهذا في الدول العربية التي ترفع شعار الجمهورية هي جمهوريات هي دول علمانية.

لكن موريتانيا إن قررت أنها تكون علمانية فلتكن، لكن أقل عليها خطرا أن تقول إنها دولة علمانية أو جمهورية بكل بساطة بدل أن تقول جمهورية إسلامية لماذا؟ لأن جمهورية إسلامية هذا عنوان النفاق وتصريح أيضا بعدم الإيمان لأن الله تعالى يقول: "ومن يكفر بالطاغوت ويومن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى" ولا يمكن للشخص أن يقول إنه علماني و يهودي أو مسيحي أو مسلم هذا مستحيل.

قولة الدكتور الأستاذ الجامعي المصري المعروف يحي الجمل: "أنا مسيحي قبطي" معروف أنها من أمهات العبر لأن القرآن الكريم يفرض على المسلم أن يتخلى عما سوى الإسلام ويتحلى بالإسلام لا بد من التخلي والتحلي.

 ولهذا يؤسفني كموريتاني قطعا أن أرى وطني العزيز وهو يرفع شعار النفاق وهو لا يدرك، لأني متأكد بأن من تعاقبوا على موريتانيا لا يعرفون أنهم إنما يرفعون شعار النفاق.

لأن النفاق خسة وذلة أولى بالإنسان العادي أن يكون كافرا بدل أن يكون منافقا، وبالتالي أحلى عندي أن نرفع لا قدر الله شعار الكفر موريتانيا العلمانية موريتانيا الجمهورية بدل أن نرفع أن نبقي الحال على ما هو عليه ونحن نرفع شعار الجمهورية والإسلامية، لأن الجمهورية هي التعبير الفني عن العلمانية الجمهورية أو هي كما يقول جاك شيراك وهو طبعا رئيس فرنسيين سابق وهو جمهوريي معروف وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة إذا قانوني معروفي ماذا يقول عن الجمهورية La république est le cœur de la raucité  معناه أن الجمهورية هي قلب العلمانية هي قلب الكفر، وعلى هذا هذه من وجهة نظري شخصيا هذا تقديم مميت لنا جميعا كموريتانيين ومخزي طبعا في الدنيا وفي الآخرة.

ثالثا أنبه إلى أن الجمهورية مفهوم ومبدأ دستوري قانوني وليست كلمة هكذا. طبعا هنالك أسمع عنه بعض الحالات بعض النواب والمؤرخين والأدباء يتحدثون ويتبجحون بأن موريتانيا فخر لها أنها جمهورية إسلامية، لكن هؤلاء أهل لغة وأهل لسان وأهل تاريخ لكنهم ليسوا من أهل على القانون وأميون فيه.

مثلا تسمع أحدهم يقارن بين باكستان ويقول لك جمهورية باكستان، الجمهورية الإسلامية الباكستانية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وهم يجهلون أن باكستان وإيران جزء من المنظومة الآنجلوساكسونيو، وطبعا المنظومة الآنجلوساكسونية ليست جمهورية، من عرف العالم بالجمهوريين هم الثورة الفرنسية وألد أعداء الإسلام والأديان السماوية هم الجمهوريون، لكن هؤلاء الجمهوريين في فرنسا وفي الدول المتأثرة بها لكن بالنسبة للعائد آنجلو سكسونية الوضع مختلف لا يعرفون أصلا الجمهورية كمبدأ دستوري لأنهم مستعمرات بريطانية، وبريطانيا مملكة وليست جمهورية.

إذن الأساس العلماني والمسحة الكفرية التي في الجمهورية صحيحة ولها دلالتها إذا تعلق الأمر بالعائلة اللاتينية الجرمانية أو عائلة القانون المدني، لكن إذا تعلق الأمر بالعائلة الآنجلو ساكسونية فإن الجمهورية لا دلالة لها قانونيا فهي كلمة عادية، ثم ثانيا هاتين الدولتين باكستان وإيران كل منهما تنص في دستورها على أنها تحتكم إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأن أي قاعدة أو سلوك يجانب الكتاب أو السنة معدوم شرعا ولا عمل عليه، فهذا منصوص عليه في الدستور الباكستاني ومنصوص عليه في الدستور الإيراني بينما موريتانيا على النقيض من ذلك تنص في دستورها في المادة الرابعة على أن المصادر الأرضية للقانون هي فوق المصادر السماوية، وبعبارة أخرى أن التشريع الصادر عن البرلمان والتنظيم الصادر عن الحكومة فوق القرآن والسنة، عكس الحكم الوارد في تلك الدولتين الإسلاميتين.

ثم ثالثا وهذا هو الأهم أن أخطر ما في الجمهورية كمبدأ دستوري هو ما يسمى بنكران سيادة الله والاعتراف بسيادة الشعب والتي هي نفي لعبودية الشعب لله، إيران وباكستان كدولتين تعلنان أنهما دولتين إسلاميتين ومستحيل أن تجد أن السيادة للشعب وإنما تجد نقيض ذلك تماما أن السيادة لله تعالى وأن الله تعالى وكتابه الذي أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام هو مصدر السلطة والشرعية وإليه يرجع كل شيء، بينما عندنا الآية مقلوبة، فالمادة 2 من دستورنا تقول إن السلطة والشرعية والسيادة ليست مطلقا لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور وإنما للشعب، وطبعا فالدستور الموريتاني وصل إلى هذا في المادة 2 من الدستور النافذ حاليا بعد أن كانت المواثيق الدستورية التي قبله تنص على العكس تماما مثل الميثاق الدستوري في سنة 1985 الذي ينص على أن السيادة لله تعالى وأن الشرعية المطلقة لله تعالى وأن موريتانيا تدين بالإسلام عقيدة وتحتكم إليه شريعة وحرفيا يقول  إن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد والأوحد للقانون ويزيد الميثاق الدستوري في سنة 1985على ذلك بأن موريتانيا الدولة تعترف بالحدود وبالقصاص وبالدية وهو ما يعني أنها تعترف بأمهات القرآن، لكن سنة 1991 تم إلغاء كل هذا وعادت موريتانيا إلى الجمهورية العلمانية يوم أعلنت سنة 1959 أنها جمهورية إسلامية أي علمانية إسلامية.

ثم إن الدستور الموريتاني ليس دستورا جمهوريا رغم أن الجمهورية تحرمنا من ديننا الحنيف وتجعل الشعب والحكومة في شقاق مع الله، إلا أن دستورنا أيضا ليس جمهوريا والدولة ليست جمهورية، فالجمهورية كمبدأ دستوري تعني تشتيت السلطة بينما في موريتانيا لا وجود لسلطات وإنما توجد سلطة واحدة لشخص واحد هو الرئيس، مثلا الحكومة ليست سلطة مستقلة و "الجمعية الوطنية" ليست سلطة مستقلة لأن الرئيس يمكن أن يحلها في أي وقت، ورئيس المحكمة العليا ليس سلطة مستقلة لأن مركزه كمركز حاكم آمورج أو حاكم انتيكان يمكن بمرسوم أن تتم إقالته أو تعيينه، ورئيس محكمة الحسابات نفس الشيء وهكذا لا وجود لسلطة مستقلة في موريتانيا إلا الرئيس وحده والكذاب الأشر من يتحدث عن فصل للسلطات أو استقلال للسلطات لأنه مادامت السلطات ليست مستقلة الحديث عن استقلالها عن بعضها البعض أو إمكانية التوازن بينها هو حديث إطراء ونفاق و تزلف وليس حديث علم.

وعليه فموريتانيا في الواقع تسيء إلى الجمهورية تماما كما تسيء التسمية إلى المسلمين لأن الجمع بين الجمهورية والإسلام هو جمع بين دين أرضي ودين سماوي وهذا لم يسبق في التاريخ الإنساني أن جرى تجسيده في أي دولة إلا في موريتانيا. وهنا أتحدى أي مهني في القانون أو في العلوم المعنوية بشكل عام أن يذكر لي دولة واحدة على مر التاريخ في العائلة اللاتينية الجرمانية رفعت شعار الجمهورية والإسلامية ما عدى موريتانيا، وهنا ستلاحظون أن الدولة ترفع شعار الجمهورية ولكنها ليست جمهورية حتى في الدلالة القانونية للجمهورية.

ومن الثغرات أيضا في دستور موريتانيا نص المادة 2، التي لا تعترف لله تعالى بأية سلطة ولا تعترف للأخلاق بأية سلطة ولا تعترف لله بأية سيادة ولا تعترف للأخلاق بأية سلطة ولا سيادة وإنما الشعب هو مصدر كل السلطات والسيادة كلها للشعب وهذا في الحقيقة هذه الطريق إلى النار ، وأعرف أن الحكومة قد لا تكون على بينة من هذا لكن إمامنا الشافعي رضي الله عنه يقول إن الجاهل لو يعذر بجهله لأصبح في مركز أحسن من العالم، وبعبارة أخرى أنه كما يقول الدستور لا يعذر الناس بالجهل في كل شيء، ولعلكم تعرفون قوله تعالى "لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" ومعناه أن الحجة، أي الرسالة، قد اكتملت والحجة قامت على العباد بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وهكذا لا يمكن في المستقبل أن نقول له فعلا كان دستورنا وكنا راضون بأن السيادة ليست لله والسلطة ليست لله وإنما الكل للشعب فقط لأننا كنا نجهل ذلك.

ثالثا من الثغرات كذلك نص المادة 4، التي تقول إن القانون هو التعبير الأعلى عن إرادة الشعب ويجب أن يخضع له الجميع، هذا بلغة القانون، أي أن الدين الإسلامي خاضع للقانون وأن يخضع له الجميع، بمعنى أن جميع الأديان يجب أن تكون خاضعة للتشريع الصادر عن البرلمان. هذه نظرية لجان جاك روسو للجمهوريين وهي نظرية جمهورية معروفة في القانون ومعناها أن القانون الوضعي الذي هو التشريع الصادر عن البرلمان يجب أن يكون فوق الدين، و ما تضمنه المادة 4 من الدستور الموريتاني يسميه بعض القانونيين قداسة القانون لأن القانون هو الله، وبعض علماء القانون يرى أن التشريع الصادر عن البرلمان هو العقيدة وأننا لا نعترف بعقيدة محمد ولا بأية عقيدة غير العقيدة الصادرة عن البرلمان والتشريع الصادر عنه.

 هذه المادة كانت هي الثابت في كل الدساتير الفرنسية إلى سنة 1958 حيث رفض شارل ديغول أن يبقيها في دستور الجمهورية الخامسة وكان بهذا يخطب ود المتدينين في فرنسا المسيحيين واليهود والمسلمين، وفعلا نزع عنه تلك المادة من الدستور، وفي مقابل ذلك انتصر أهل الأديان في فرنسا لشارل ديغول فأصبح شارل ديغول هو أول رئيس ينتخب مباشرة من الشعب، لماذا نحن مسلمين بدرجة 98% ومع ذلك نقول إن ربنا هو التشريع الصادر عن البرلمان ما لذي يفرض وأن القرآن والسنة أنه تحت التشريع الصادر عن البرلمان، ما لذي يخطوه هذا هذه ليست ثغرات هذه مقاتل.

ومن الثغرات كذلك أو من المقاتل بل الكفريات بالنسبة للمسلمين، نص المادة 5،، والمسلم يفضل أن يقتل بدل أن يكفر، لأن القرآن صريح "إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون" ومعناه أن المسلم أعطى عهدا لله أنه مستعد لأن يموت دفاعا عن الله وعن رسوله وعن دينه، وبالتالي القتل أخف على المسلم بينما لم يعطه عهدا بأنه سيكفر به وبالتالي فالمسلم أخف عليه أن يقتل بدل أن يكفر، بينما المادة 5 مثلا من الدستور الموريتاني كالمادة 4 وكالمادة 2 وكالديباجة،

المادة 5 تقول إن الإسلام دين الدولة، هذه المادة مستلهمة من الدستور الإيطالي لسنة 1848 استلهمها الدستور التونسي كأول دستور لأول دولة علمانية في المنطقة المغاربية ووضعتها موريتانيا في المادة 5 أي الإسلام دين الدولة، وهذه المادة تعني أن الدولة فوق الإسلام وأن الإسلام تحت الدولة وأن الإسلام شيء وهذا الشيء مملوك للدولة و بالتالي الإضافة هنا، إضافة الإسلام للدولة، هي من أساليب التملك في اللغة العربية  وطبعا بالنسبة للقانوني الفقيه إياض بن عاشور المختص الوحيد في العالم الإسلامي في النظريات الإسلامية والقانون العام يقول إن الدولة التي تقول إن الإسلام ينص دستورها على أن الإسلام دين الدولة هذه الدولة إنما تقول إن ربها هو رئيسها، لماذا؟ لأن الإسلام دين الدولة بمعني أن الدولة فوق الإسلام وأنها هي التي تحدد مدى الإسلام ومحتواه، وعلى هذا الأساس يعتبر رئيس الدولة هو الذي يحدد مدى الإسلام ومحتواه وبالتالي فهو بمثابة رب للشعب و رب للدين، حتى في القانون الدستوري وفي مصادر القانون نعبر عن هذا المبدأ بأن الدولة هي رب الدين وبالتالي فالموريتانيون أعرف أنهم يجهلون أنه حسب الدستور كان ربهم ولد عبد العزيز واليوم ربهم الجديد ولد الغزواني، وأعرف أيضا أن ولد عبد العزيز لا يسره أن يكون ربا للموريتانيين ولا لأي عباد من عباد الله وأن ولد الغزواني أيضا لا يسره ذلك لكن الدستور يقول ذلك وبالتالي أحرى بنا أن نغير الدستور من هذه الناحية، إذا تجاوزت طبعا إحالة الدستور إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإلى الميثاق الإفريقي واشتماله عليهما جعل الدستور الموريتاني هو الدستور الوحيد الذي يشرع المثلية أي أنه يشرع السوء وبالتالي فهو دستور سوء لأن الله تعالى يقول في قوم لوط إنهم قوم سوء، والدستور الذي يشرع اللواط يعتبر دستور سوء على الأقل بالنسبة لمن يؤمن بالقرآن، والآن نجد أن الإعلان العالم لحقوق الإنسان هو الأساس القانوني لزواج المرأة بالمرأة ولزواج الرجل بالرجل و هذا ليس من عندي وإنما هو تصريح بان كي مون الأمين العام السابق للأمم المتحدة الذي يقول إن الدول التي دسترت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان دسترت المثلية ولا تحتاج إلى قانون خاص يسمح  بالمثلية، وهذا أيضا هو موقف كبير خبراء الأمم المتحدة، وأقصد أستاذنا الجليل عبد الفتاح عمر رحمة الله عليه، رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأمين الأمانة العامة المكلف بالأديان على مستوى الكون، ورئيس الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري ورئيس الرابطة الدولية للقانون الدستوري والأستاذ المبرز للجامعات التونسية والفرنسية

إذن هذا هو موقف بان كي مون وخبراء القانون الدولي هذا هو موفقهم وإذن موريتانيا من خلال إحالتها إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان شرعت المثلية واستغنت عن الولي وشرعت المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث كما شرعت زواج المرأة بالمرأة وشرعت حق المرأة في طلاق الزوج وشرعت قداسة جسم المرأة وملكية المرأة لجسمها وبالتالي حق المرأة في الإجهاض في أن تقتل جنينا حتى وهو ابن سبعة 7 أشهر أو 8 أشهر أو 9 أشهر.

كذلك من الثغرات بالنسبة للدستور أن موريتانيا صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التمييز وهذه الاتفاقية تسمح للمرأة المتزوجة أن تمارس الزنا ما دامت ستأخذ مقابل الزنا لنفسها أو لذويها وليس للزوج.

ثم إن هذه الاتفاقية تنص على أن الزنا عمل مشروع، وبالتالي يحق للمرأة وللرجل ويحق للجميع أن يزنوا فيما بينهم ولا مسؤولية تترتب عن ذلك، وموريتانيا جعلتها قانونا فوق القانون العادي،

ثم إن هذه الاتفاقية تنص على المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث وحق المرأة في أن تتزوج من المرأة وهذه الاتفاقية جعلتها موريتانيا فوق القانون العادي، هذه اتفاقية سيدرب، وجميع الدول التي صادقت عليها تحفظت عليها بما في ذلك فرنسا وتونس، لكن موريتانيا تحفظت على الفقرة (أ) من المادة 13 والمادة 16 وهي تتعلق بأمور مالية لا علاقة لها بالدين، بعد أن كانت قد أوردت تحفظا يتعلق بالشريعة الإسلامية سنة 2000 لكنها سحبت هذا التحفظ سنة 2014 وهذا قاتل للموريتانيين إن كانوا فعلا مازالوا موريتانيين.

ومن الثغرات أيضا نص المادة الأولى من الدستور التي تقول إن الدستور الموريتاني لا يسمح لقانون أن يقر حقا يختلف عن حق آخر يقره للرجل بسبب الجنس، وبعبارة أخرى أن الجنس الشخصي لا يمكن أن يكون أساسا لحظوته بحق أو لمنعه من حق، وعلى هذا الأساس لا يمكن أن تمنع المرأة من المساواة مع الأخ في التركة و الميراث فقط لأنها امرأة، ولا يمكن للمرأة أن تمنع من أن تتزوج من مسيحي أو يهودي في الوقت الذي نسمح للرجل بأن يتزوج من مسيحية أو يهودية فقط لأنها امرأة، ولا يمكن أن ينص قانون من القوانين الموريتانية على أن دية المرأة نصف دية الرجل لأن هذا الحكم أساسه أن المرأة امرأة وأن الرجل رجل أي أن أساس الجنس و أي اختلاف في الأحكام على أساس الجنس يجرمه الدستور الموريتاني، وهذه المادة الأولى من الدستور هي عبارة عن قانون النوع، وهو قانون دستوري للنوع، وهذا القانون وضعته موريتانيا سنة 1991 حتى قبل أن تصادق على اتفاقية النوع المعروفة باتفاقية "سيدرب" سنة 2000 لأن الدستور تم التصويت عليه وإقراره سنة 1991

وهنا تلاحظ أن الحكومة تحكمنا بدستور هي نفسها تتأسف عليه "وتترفع عنه لأنها متأكدة أنه لا قيمة له، لكن الحكومة، لا حول ولا قوة إلا بالله،  ليس لديها إلمام" من وجهة نظري أرى أن الله حسيبها لا أعرف، من باب افتراض حسن النية بالمسلمين أفترض أنها لا تعلم بهذا وإن كانت تعلم به وتطبقه فالله حسيبها.

وكذلك من الثغرات القاتلة المادة الأخيرة من الدستور الموريتاني التي تحيل إلى التشريع والتنظيم اللذين كانا نافذين في فترة الاستعمار، هذه من بين القوانين التي كانت سائدة في فترة الاستعمار، قانون العلمانية، قانون ،1905 قانون قدح الدين، قانون تفليس الدين، قانون الاستهزاء بالدين، وعليه لماذا جميع الدول التي كانت مستعمرة بعد أن نالت استقلالها ألغت جميع القوانين التي كانت سائدة في فترة الاستعمار؟ وهذا لأن هذا من مصلحة المستعمر ومن مصلحة الدولة نفسها بينما موريتانيا هي الدولة الوحيدة من الدول التي كانت مستعمرة والتي تنص دساتيرها المتعاقبة على تبجحها وافتخارها بأنها ما زالت مستعمرة، والاستعمار والاستقلال الذي يقال إننا نحتفل به متناقضان إما أن تكون مستقلا أو أن تكون مستعمرا ولا يمكن أن يكون الإنسان عبدا وسيدا في نفس الوقت ولا يمكن أن يكون مسلما وجمهوريا في نفس الوقت

 لا توجد منطقة وسطى مابين الجنة والنار، ولا بد أن تختار، إذن هذه المادة 102 تؤذي الموريتانيين وتؤذي الحكومة ولا تبيض وجوهنا في الدنيا ولا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه. فلماذا لا نحاكي المغرب وتونس والسنغال ومالي ونلغي هذه المادة ونستبدل قوانين وطنية بقوانين تحكمنا وهي قوانين صادرة بتوقيع بيير مسمير وتحمل توقيع ديغول وتحمل توقيع بومبيدو وتحمل توقيع جيسكار دستينه لماذا؟،

أليس اسم ولد الغزواني أو اسم المختار ولد داداه أو ولد عبد العزيز أقرب إلى قلوبنا من اسم جيسكار دستينه أو بومبيدو مع العلم أن هذا يؤذي الفرنسيين لأنه في الحقيقة يحرجهم وكأنهم يريدون أن يقولوا للعالم إن المستوى الذهني لشعب المستعمرة التي كنا نستعمرها متواضع إلى درجة أنهم يحسبون أنهم مستقلون وهم في الواقع مازالوا مستعمرين لماذا هذا؟ ولمصلحة من هذا يا ترى؟.

التواصل: هل لكم أن تحددوا لنا طبيعة الثغرات في دستور البلاد؟

ذ/ سيدي المختار: بالنسبة للسؤال المتعلق بالثغرات في دستورنا، فهو لا يصلح لأية دولة تبحث عن الشرعية أو تبحث عن التنمية، لأنه دستور لا ينسجم مع المعايير العلمانية ولا مع المعايير القانونية الوضعية للدساتير، وهيهات أن يستجيب للمعايير الإسلامية، وبالتالي هو يغضب رب العلمانيين وأقصد هنا القانون، ويغضب رب العالمين، و سأعطي فقط أمثلة من الناحية القانونية حيث إن موريتانيا هي الدولة الوحيدة من الدول الإسلامية ومن الدول العربية الإسلامية أو دول الجنوب ودول العالم الثالث التي تجرأت على وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في دستورها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو أهم وثيقة تهدف من خلال الأمم المتحدة إلى فرض العلمانية وطبعا هذا ليس من سيدي المختار وإنما هذا موضوع مداولة شهيرة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الانسان وعن لجنة سيدرب وإن هذه الوثائق المتعلقة بحقوق الإنسان الدولية من أهم أهدافها محاربة الإسلام، وبدل أن تتعامل موريتانيا مع الإعلان العالمي على الطريقة التونسية أو المغربية أو الجزائرية أو حتى الفرنسية أو حتى الأمريكية أجلته وافتخرت به وجعلته في دستورها وهذا الواقع يسود وجوه كل القانونيين الموريتانيين لأنه ينم عن درجة من الجهل عز نظيرها، ثم ثانيا هذا الدستور ينص على الحداثة في ديباجته والحداثة ماذا تعني؟ قد يقال لك إن الحداثة تعني أن أركب سيارة من نوع V8 أو أن تكون حقيبتي جلدية لويس فيتوه لكن هذا ليس هو الحداثة، لأن الحداثة بالمفهوم الدستوري وبالمفهوم القانوني للكلمة تعني فسخ الدين و هذا التعريف لمارتن هايدكار وليس لسيدي المختار، إذن حينما تقول إنك مسلم وترفع بنفاق شعار الإسلام مع الجمهورية وتقول في دستورك إنك حداثي، حداثي، الموريتانيون بدءوا يعرفون معنى حداثي من خلال مكفولة ومن خلال ولد امين لأنهم يقولون نحن الحداثيين، طبعا لهم الحق في ذلك، الحداثة في القانون تعني فسخ الدين، إذا كنت تقول إنني إسلامي لتقول بعدها إنني سأفسخ الإسلام فما الذي يفرض عليك هذا ولماذا نفرض على أنفسنا أن نقول للعالم ها نحن الموريتانيون عراة؟ فرنسا لا تريد هذا والولايات المتحدة الأمريكية لا تريده ولا وجود لأي دولة يصادف مثل هذا هوى في نفسها .

أنت تقول إنك إسلامي ونحن دولة إسلامية ولكن في ديباجة دستورنا نجسد الحداثة التي تعني فسخ الإسلام وهذا ما يسمى في الميثولوجيا ن"ظف ووسخ"،

أيضا في ديباجة الدستور أن الشعب الموريتاني يحترم الإسلام فقط، وفي اللغة وفي القانون حينما تقول إن شعبا يحترم الإسلام فمعنى ذلك أنه ليس مسلما، فما الذي يفرض على موريتانيا أن تقول في ديباجة دستورها إن الشعب الموريتاني ليس مسلما وأنه فقط يحترم الإسلام وأنه مكره أيضا على احترام الإسلام ؟!،

لا يساورني شك في أن الدستور الموريتاني ليس من صنع موريتانيين ولا يساورني شك في أن من حكموا به هذا الشعب المظلوم كانوا ضحية لظلم ذلك الدستور قبل جميع الموريتانيين وبالتالي آن الأوان لأن نناقش هذا الدستور علنا وآن الأوان أيضا أن يقول رؤساء موريتانيا للشعوب إنهم ليسوا ملوكا وإن الشعب ليس عبيدا لهم لأن أقسى مظاهر الظلم أن يتنكر الحاكم الموريتاني لعبودية الشعب الموريتاني لله ويتبجح بأن الشعب عبيد له هو، وبالتالي على الرئيس ولد الغزواني، إن أراد الفرق بينه وبين من سبقوه، أن يناقش مع الشعب الموريتاني الدستور الذي يحتكم إليه، وإن أراد أن يكون كما كان أسلافه.

الموريتانيون من أكثر شعوب العالم معاناة لأنهم من أكثر الشعوب الذين يعانون القهر ولا اقصد هنا فقط القهر الطبيعي وإنما القهر الاستبدادي الذي يمارسه الحكام عليهم منذ عهد الرئيس المختار وحتى الساعة.

ومن الأمثلة على الثغرات في دستورنا أيضا أنه أطول دستور في العالم، فلماذا هو أطول دستور في العالم؟ لأن جسم الدستور يتضمن مائة ومادتين لكنه أحال إلى الميثاق الإفريقي وإلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبالتالي أصبح هو مائتي مادة لكنه تضمن في ديباجته أن كل اتفاقية دولية صادقت عليها موريتانيا تصبح جزءا من الدستور ولا وجود لنص من هذا النوع في دستور أي دولة تطلع عليها الشمس إلا موريتانيا وهو ما يؤدي عمليا إلى أن دستور موريتانيا يصبح هو أضخم دستور في العالم من الناحية العددية لأنه يتجاوز ألف مادة، وبالتالي يجعل الرئيس لا يستطيع أن يعرف عدد مواده رغم أنه سيؤدي اليمين على أن يكون حارسا له ويجعل الحكومة أيضا لا تستطيع مراقبة القوانين التي تصدر عنها إلى البرلمان ويجعل البرلمان لا يستطيع أن ينفذ التزامه في الدستور بالحرص على أن تكون القوانين التي تصدر عنه مطابقة للدستور ويجعل مهمة القاضي والمحامي تكاد تكون مستحيلة،

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الشرع الإسلامي يقوم على قاعدة الاستطاعة، بمعنى إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وهذا الحديث عبر عنه الفرنسيون في مبدأ قانوني يفيد بأن المستحيل لا أحد يلزم به ومع ذلك إلزام القانون بأن يعرف الدستور الموريتاني وهو أمر أقرب إلى المستحيل، هذا ناهيك عن المواطن العادي الذي له الحق في معرفة دستوره ولا يعذر أيضا بجهله طبقا للمادة 17 ومع ذلك دستوره ليس كدستور أمريكا ولا فرنسا ولا دستور أي دولة، لأن أي اتفاقية صادقت عليها موريتانيا بما فيها الاتفاقيات الثنائية تصبح جزءا من الدستور وهذه ثغرة وفضيحة تكلفتها مليارات على الدولة.

التواصل: معظم قوانين البلاد مأخوذة من القانون الفرنسي، مما يتناقض مع إسلامية الدولة، وينعكس على تطبيق بعض الأحكام القضائية، هل من توضيح في هذا المجال؟ وهل نحن، وفق رأيكم، دولة علمانية فيما يتعلق بالقانون؟

ذ/ سيدي المختار:  بالنسبة للقوانين الموريتانية أكرر لكم ردا على هذا السؤال هل موريتانيا علمانية؟ أن موريتانيا دولة علمانية أكثر من فرنسا ويمكن أن أعطيك مثالا مستخرجا من قانون الأحزاب السياسية، ففي ألمانيا يمكن أن تنشئ حزبا إسلاميا أو حزبا مسيحيا، بمعنى أنه يمكنك أن تستخدم شعارات لها علاقة بالأديان، وألمانيا دولة علمانية لكن علمانيتها أقل تطرفا من العلمانية الموريتانية، أما في موريتانيا فيمكن أن تنشئ حزبا يسمح لك قانون الأحزاب بأن يكون شعاره علمانيا أو مسيحيا أو جمهوريا، هذا شعار يعرف الجميع أنه شعار مسيحي علماني جمهوري، يمكن أن تأخذ شعارا ماركسيا تقدميا، كما يمكن أن تأخذ أي شعار آخر، لكن لا يمكن أن تأخذ شعارا له علاقة بالإسلام وبالتالي لا يسمح القانون الموريتاني بأن يكون لأي حزب كلمة أو شعار "إسلامي"، لهذا تم عدم الاعتراف بالحزب الذي كان أحد مناصريه ومؤيديه الشيخ محمد ولد سيدي يحي وهو حزب الأمة، لأن كلمة الأمة أتت بعدها وأردفت بإسلامي، لأن الدولة الموريتانية العلمانية لا تقبلها فهي تقبل أن يكون الشعار كما قلت مسيحيا لكن ليس إسلاميا، إذن تلاحظون هنا أنها علمانية لكن ليست علمانية عادية كالعلمانية الفرنسية أو الألمانية مثلا، وإنما العلمانية المتطرفة، ثم إن هناك ما يسمى بالتعبير أو يقول كنشار التعبير عن المشاعر الدينية، هذه الدولة العلمانية تسمح بها لكن موريتانيا لا تسمح بالتعبير عن المشاعر الإسلامية، ولا تسمح به.

التواصل: مشاكل القضاء الموريتاني متعددة، فهل توجزوا لنا أبرز معوقات القضاء النزيه الذي نتطلع إليه، وكيف يتم التغلب عليها؟

ذ/ سيدي المختار: مشكلة القضاء الموريتاني الرئيسية بالنسبة للمسلمين وبالنسبة للموريتانيين هي أنه يمثل وجه وسيلة صغار للموريتانيين، بعبارة أخرى يقول القرآن الكريم "ولن يجعل الله  للكافرين على المومنين سبيلا" وبالتالي أوجب الله تعالى على المسلمين أن لا يحتكموا إلا إلى قاض مسلم، وهذا الحق مكنت منه الدولة الإسلامية حتى المسيحيين واليهود سمحت لهم بأن يتحاكموا إلى قضاة يدينون بدينهم، ففي القرآن تجدون قوله تعالى "وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله إليهم" لكن الموريتانيين هم الشعب الوحيد في العالم الذي يمكن، ليس الإسلام من شروط تولي القضاء فيه، و في التسعينات وتناغما مع الدستور العلماني دستور 1991 تم إلغاء شرط الإسلام وفي سنة 2007 تم تتويج ذلك بأن آخر شيء كان رئيس المحكمة العليا يشترط أن يكون دينه الإسلام تم أيضا إلغاء ذلك سنة 2007، وهكذا هو قضاء لممارسة الصغار على المسلمين وطبعا تعرفون أن الله تعالى يقول إن الرضي بقانون أو إتباع قانون يخالف دين الله هو إشراك بالله وهذا هو تفسير الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمة الله عليه، صاحب أضواء البيان، لقوله تعالى "وإن أطعتموهم إنكم لمشركون" وهذه هي المشكلة الرئيسية للقضاء الموريتاني، ثم إن المشكلة الثانية بالنسبة لي هي أنه قضاء يعيش سرية نقص الشفافية أو غياب الشفافية مما جعل القضاء يبتعد عن وظيفته الأصلية والمظهر الرئيسي لغياب الشفافية هو أن الأحكام التي تصدر عن المحكمة العليا ليست اجتهادا قضائيا فلماذا؟ لأنها لا تنشر في الجريدة الرسمية ولا في نشرية متخصصة وبالتالي فالمحكمة العليا في موريتانيا لا تقوم بوظيفتها منذ أن غادرها الفرنسيون والوظيفة الأساسية للمحكمة العليا هي توحيد الاجتهاد القضائي بينما منذ أن غادر الفرنسيون في موريتانيا المحكمة العليا لا تنشر اجتهاداتها القضائية وبالتالي فهذا هو المعوق الرئيسي الثاني.

المعوق الثالث الرئيسي هو الهيئة الوطنية للمحامين، التي يفترض أن تكون رافعة للقضاء وللشرعية، بينما الهيئة الوطنية للمحامين منذ تأسيسها خارج الشرع وخارج القانون،و تحادد الدستور وتحادد التشريع العادي وتخالف الدين،

وهذه فقط نماذج ثلاثة للمعوقات الهيكلية للقضاء الموريتاني الذي تجعله لا يستطيع أن يحقق الأهداف المرجوة منه

ففي موريتانيا تجد، بعض القضاة الأفذاذ في القانون كأشخاص طبعا محامون أفذاذ في القانون وفي العلوم الشرعية، لكن نحن نتحدث عن المنظومة وعن المعوقات الهيكلية، بمعنى أن القضاة في موريتانيا ليسوا مستقلين لأن الضمانات الاستقلالية ليست موفرة والمحامين أيضا ليسوا مستقلين لكن مع فرق،

القضاة ليسوا مستقلين لأن الدولة فرضت عليهم الخضوع بينما المحامين نقباء المحامين المتلاحقين أخضعوا المحامين رغما عن المحامين لماذا؟ لأن الدولة تسمح للمحامين بوضع نظامهم القانوني فيقوم نقبائهم بوضع نظام قانوني يرديهم ويحرم ويخالف القانون الدولي مثلا جميع القوانين الصادرة في موريتانيا المتعلقة بالمحاماة تخالف اتفاقية هافانا لا أقول اتفاقية وإنما إعلان هافانا وطبعا هو إعلان لضمان استقلالية المحامين لكن العيب هنا أو الخطأ لا يعود إلى الدولة إلى الحكومات الموريتانية وإنما إلى المحامين أنفسهم خاصة نقبائهم.

وبالنسبة لتسمية  البلاد، رغم أنها تخالف دين الله، ورغم أنها تخالف الدستور وبالتالي هي مخالفة للنظام العام، ومن المعروف أن الشخص الطبيعي والشخص المعنوي إذا أراد أن يحمل اسما فالآثار المترتبة على الشخصية تخضع للقانون، فإذا كان الاسم مخالفا للنظام العام وجب على الشخص سواء كان معنويا أو طبيعيا أن يغير هويته المدنية ومن هذا المنطلق يجب على موريتانيا أن تخالف أن تغير حالتها المدنية أن تغير اسمها لأنه مخالف لدين الشعب ومخالف أيضا لمبدأ الجمهورية الذي ترفعه موريتانيا، إذا مادامت ترفع هذا المبدأ يجب أن تذعن له وأن تحتكم إليه قبل أن تلزم الناس بالاحتكام إليه لأن المنطق يقول إن القانون إن لم يقيد من صدر عنه القانون فلا معنى لأن يقيد به من صدر عنه المخاطب بأحكامه، بعبارة أخرى كما تعرفون كما يقول أهل المنطق ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذ انتهت عنه فأنت حكيم، على موريتانيا أن تغير اسمها لأن الجمهورية الإسلامية الموريتانية هذا سم مخالف للنظام العام وللأخلاق الحميدة أيضا وطبعا قبل ذلك للدين الإسلامي القيم الحنيف، ثم التسمية أراد بها الاستعمار أن يجعل أن يذيق بعضنا بأس بعض وأن يجعلنا شيعا لماذا؟ لأن كلمة Maure , Maurex, Terre de Maures هي عبارة عنصرية والمرسوم الذي أعلن موريتانيا territoire de maures إقليم من أقاليم ما وراء البحار وحتى مشروع كبلاني قبل ذلك اعتمد هذه الرؤية لكن هذه الرؤية عنصرية وهذا ما يجعلني طبعا أزكي ما ذهب إليه الدكتور البكاي ولد عبد المالك، وزير التعليم العالي السابق وأستاذ الفلسفة، حين قال إن المستعمر رسخ العبودية في موريتانيا بدل أن يسعى إلى وضع حد لها، هذا ليس فقط بالقرارات التي اتخذها وإنما حتى من خلال الاسم لأن الاسم يوحي إلى البيظان وأرض البيظان ودولة البيظان، والحقيقة  أن الدولة الموريتانية ليست للبيظان وأنا شخصيا من البيظان لكن لا قانون ولا دين يلزمني أن أكذب جهارا أو أقول إن هذه الدولة هي دولة البيظان، بأي منطق تكون للبيظان دون غيرهم من المكونات ولهذا فالمستعمر الذي يريد الضغط علينا ويريد أن يلبسنا شيعا ويريد أن يجعلنا ساحة للتناحر يبيع فيها أسلحته من مصلحته ذلك، لهذا ما الذي يلزم الحكومة الموريتانية أن تقول فعلا إنها دولة للبيظان وأنها تحيد غيرهم ؟

أعرف أن كثيرا من العوام لا يعرفون هذه الدلالات لكن بالنسبة لأهل القانون وأهل التاريخ، تاريخ القانون خاصة يعرفون هذا حق المعرفة وأهل الفلسفة يعرفون ذلك كالدكتور ولد عبد المالك وسبق أن كتب فيه، لذا ما المانع أن نكون شنقيط أو نكون ولاته أو كومبي صالح أو غانا نسبة إلى غانا القديمة التي كانت في الحوض وما المانع أن نكون تويزيكت أو وادان أو أن نكون أي اسم آخر حيادي ؟

لكن ما الذي يفرضنا على أن نرفع شعار أنها دولة لعنصر واحد وضد مكوناتها الأخرى وهذا يلحق الضرر بالبيظان وينفي أيضا بقية مكونات المجتمع وهذا ليس ضروريا.

التواصل: كيف تشخصون وضعية الهيئة الوطنية للمحامين والمعوقات التي يعاني منها المحامي الموريتاني؟

ذ/ سيدي المختار: بالنسبة للهيئة الوطنية للمحامين نحن نرى أنها هيئة خارج الشرعية منذ تأسيسها وللأسف الشديد تأكد ذلك بعد 1996، فالهيئة الوطنية للمحامين تخالف الدستور وتخالف التشريع وتخالف التنظيم وطبعا بالرؤية القانونية المصادر الأساسية للقانون سلم المشروعية هو بالأساس الدستور ثم التشريع ثم التنظيم، والهيئة الوطنية للمحامين أضافت إلى مخالفة الدستور والتشريع والتنظيم مخالفة الدين الذي هو دين المجتمع وهنا طبعا مخالفة دين المجتمع احترام دين المجتمع يدخل في إطار الواجبات خاصة واجب الشرف الذي تفرضه القواعد الأدبية للمحاماة، وإذا ثم ثانيا الإسلام بالنسبة للمسلمين الشريعة الإسلامية تعتبر قانونا سواء اعترف بها الدستور أم لم يعترف بذلك على الأقل بالنسبة لنا كمسلمين لأن الله تعالى يقول "أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما" ويقول " ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين" إذن الهيئة الوطنية للمحامين تخالف الشريعة الإسلامية باعتبارها سلم الشرف والطريق إلى الشرف في مجتمع إسلامي دينه الإسلام، و هنا أتحدث عن المجتمع ولا أتحدث عن الدولة، ثم إنها تخالف الشريعة باعتبار الشريعة قانونا ألزم الله به ورضي المسلمون بالاحتكام إليه، وأعطيكم أمثلة على هذه المخالفات، فمثلا فيما يتعلق بالدستور فإن القواعد الأساسية التي يقوم عليها الدستور يخالفها القانون المنشئ للهيئة الوطنية للمحامين وسأعطي مثالا مما تعانيه الهيئة حاليا، فالمادة الأولى من الدستور تنص على المساواة والقائمون على الهيئة الوطنية للمحامين حرموا المحامين من المساواة مع الإنسان العادي فلماذا؟ لأنهم حرموا المحامي من الحق في الطعن على درجتين من درجات التقاضي، وحرموه حتى من الحق في الطعن أمام درجة واحدة من درجات التقاضي، لديك الآن مثلا النقيب أحمد ولد يوسف أو العميد إبراهيم ولد أبتي أو الأستاذ محمد أحمد ولد الحاج سيدي أو الآخرين الذين لا يمكنهم أن يستفيدوا من طعن أمام درجة واحدة من درجات التقاضي وهيهات أن تكون أمامهم درجتين من درجات التقاضي لماذا؟ لأن القانون الذي أنشأه المحامون للأسف وأعدوه ودافعوا عنه يحرمهم من هذا الحق ويجعلهم في مركز أسوء من مركز السجين، أقول وأكرر إن هذا مخالف للمادة الأولى من الدستور، وطبعا المادة الأولى، ناهيك عن لو كنا في مقام فني، لقدمت لك خروقات دستورية تقشعر منها الأبدان وتصطك منها الأذهان لكن أكتفي هنا فقط بحالة المادة الأولى وحدها خاصة أنها تنطبق على واقع يكتوي اليوم به المحامون وهي أنهم في مركز أكرر أسوء من مركز السجناء الذين يدافعون عنه وطبعا هذا يؤثر على السجناء ويؤثر على المحامون، بالنسبة لمخالفة الهيئة للتنظيم الهيئة لا تعترف بالحكومة الموريتانية ولا تعترف بالتنظيم وهذا غريب رغم أن الهيئة تاريخها مرتبط بالوشائج وبالعلاقة مع المخزن على حساب الشرف وعلى حساب مبادئ الهيئة تاريخيا في جميع مراحله، ومع ذلك لا تعترف بالحكومة، لماذا لا تعترف بالحكومة؟ لأنها لا تعترف بالتنظيم، فمثلا النظام الداخلي للهيئة يتضمن قواعد من ميدان التنظيم ويتضمن قواعد من ميدان القانون وهو ما يجعل النظام الداخلي للهيئة لابد أن تتم المصادقة عليه بمرسوم ولا بد أن ينشر في الجريدة الرسمية لأنه يتضمن قواعد قانونية مثلا قواعد تحكم المنافسة غير المشروعة بين المحامين وقواعد تحظر التجارة وتحظر على المحامي ممارسة التجارة وقواعد تتضمن تأديب المحامين وهذه القواعد ، لكي تكون ملزمة، لابد أن يتأتى العلم للجميع بها والوسيلة الوحيدة للعلم كشرط لنفاد القانون حسب القانون الموريتاني وجميع الدول هو النشر في الجريدة الرسمية، بينما النظام الداخلي للهيئة الوطنية للمحامين لم ينشر يوما من الأيام في الجريدة الرسمية لماذا؟ لأن المحامين يتصورون أن نشر النظام الداخلي للهيئة أو مصادقة وزارة العدل عليه أو نشره في الجريدة فيه مساس باستقلاليتها وهذا ما أنزل الله به من سلطان، وفي الحقيقة فإن الهيئة لا تريد الاستقلالية لأنها أكثر خضوعا للمخزن من هيئة الحمالين والسائقين ثم إنه لا تعارض مع احترام المحامين للقانون لأن اليمين الذي يؤدي يمين المحاماة هي باحترام القانون وباحترام السلطات.

وبالتالي ما دام القانون المنشئ للهيئة يخالف الدستور، ونظامها الداخلي لا يعترف بالحكومة ولا يعترف بالتنظيم و لا يتضمن قواعد عامة ومجردة وملزمة لكنها لم تنشر في الجريدة الرسمية إذن هي، غير دستورية.

ثم إنها هيئة تخالف حتى القواعد الأدبية الدولية للمحاماة حيث يوجد إعلان معروف يسمى إعلان هافانا وهو إعلان يهدف إلى ضمان استقلال المحامين عن السلطات جميعها بينما الهيئة في موريتانيا تدفع ثمنا غاليا لتبقى خاضعة، والمثال النموذجي على ذلك هو أن القانون الذي تعده الهيئة الوطنية للأسف لم تستطع فيه أن تعرف المحامي تعريفا سليما فنظمت وكيلا للخصومة وليس محاميا، بينما جميع الهيئات المهنية في العالم تدافع، حتى الدول مشكورة تساعد المحامين على ضمان استقلاليتهم بينما الحكومة الموريتانية ليست ضد هذا ولكن المحامين، لا أعرف إن كان ذلك عن جهل أو عن قصد، لم يعترفوا بالمحامي وإنما جعلونا وكلاء خصومة وع العلم ان هناك فرقا شاسعا بين  وكيل الخصومة والمحامي و مثال ذلك أن المحامي كما يقول الفرنسيون  وضعية نظامية، وإذن فالمحامي هو مركز نظاميي، بينما وكيل الخصومة هو وضع تعاقدي ومركز تعاقدي وهذا الوكيل هو شخص تختاره

فمثلا أم تختار ابنها طبعا ابنها بالغ وهي بالغة ليكون وكيلا عنها أو زوجة تختار زوجها ليكون وكيلا عنها في قسم التركة كتركة أسرتها وهذا ما يسمى وكلاء خصومة. وتعرفون أن أساس تمثيلهم للشخص هو وكالة، بينما المحامي في دول العالم وطبعا هذا الوكيل لا يقبل منه المثول أمام القضاء إلا إذا تقدم بسند وكالة أو عقد وكالة بينما، وفي جميع دول العالم، يختلف المحامي عن هذا لأنه قد لا يكون زوجا للشخص ولا علاقة تربطه به فقد أختار شخصيا وعلى سبيل المثال الخطوط الفرنسية Air France كإعلان هنا في فرنسا تختارني كمحامي لست فرنسيا ولا علاقة لي بفرنسا، مثلا قد أختار أنا شخصيا محاميا يهوديا ليدافع عني مثلا أمام "أتاك" مثلا الاستكول طبعا لا علاقة تربطني به لا علاقة قرابة، المحاماة هي اختيار شخص مهني في القانون موجود قبل حاجتنا إليه ومن باب الأحرى أن لنا علاقة به إذن فالفرق كبير بين المحامي الذي هو مركز ومؤسسة قانونية موجود سلفا وبين الوكيل الذي تعتبر القرابة هي أساس اختياره، والعقد عقد الوكالة

للأسف القانون الذي تعده الهيئة الوطنية للمحامين يعتبر المحامي وكيلا ولهذا يفرض عليه الاستظهار بوكالة دائما ولهذا تجد في جميع دول العالم حينما يقف محام أمام محكمة يستحيل أن تقول له المحكمة عليك أن تتقدم بوكالة أن تثبت أنك موكل لأنه موكل خصومة بينما في موريتانيا إذا لم يتقدم المحامي بوكالة أسندها له الشخص الذي يمثل فإن طعنه يكون غير مقبول شكلا أو دعواه تكون غير مقبولة شكلا، وهنا من فرض على هذا هو القانون الذي يعده المحامي، أعطيك مثالا آخر لعدم الاستقلالية وهذا الوضع جعل محامي موريتانيا هم أفقر المحامين في العالم

في جميع دول العالم يسمح للمحامي بما يسمى بالأتعاب التكميلية بمعنى أن يشترط على من يتعامل معه خاصة في ميدان الأعمال نسبة من مبلغ الأعمال أو النتيجة التي تعود إليه مع مبلغ جزافي ثابت يأخذه كمقدم، لكن القانون الموريتاني لم يسمح بهذا بل رتب عقوبة على أن أي محام يأخذ جزء من النتيجة يعاقب بثلاث سنوات من المنع من مزاولة المهنة ويعتبر مرتكب لخطأ جسيم وهذا في الحقيقة قلب لقواعد المحاماة في فرنسا في جميع دول العالم، وهكذا فالقانون المنشي للهيئة الوطنية للمحامين يشكل خطرا على المحاماة في العالم وعلى المحامين في موريتانيا، والخطأ هنا لا يعزى إلى الدولة مطلقا وإنما يعزى إلينا نحن كمحامين للأسف الشديد.

العدد 586 من يومية التواصل بتاريخ 30 يونيو 2020