تفادي حوادث السير في موريتانيا … السهل الممتنع ؟!

سجلت موريتانيا في الأسابيع الماضية حوادث مأساوية أسفرت عن عديد الوفيات والإصابات متفاوتة الخطورة، وذلك على مختلف المحاور الطرقية بين العاصمة وبقية الولايات.
ما يميز هذه الحوادث وما سبقها من حوادث سير، هو أنها تشترك في بعض العوامل التي تؤدي إلى هذه الحوادث الدموية، ومنها السرعة المفرطة ونوم السائقين واستخدام الهواتف أثناء السياقة وعدم احترام قانون السير، حيث تتسبب السرعة المفرطة في أغلب الحوادث، وكذلك بعض العوامل الأخرى كزيادة الحمولة وتجاوز السيارات دون التأكد من أن ذلك لن يسفر عن حوادث، فضلا عن عوامل تتكرر من حين لآخر كالحوادث التي تتسبب بها الحيوانات السائبة وكذلك الحفر وألسنة الرمال التي تغطي بعض الطرق التي لا تحظى بالصيانة الدائمة.
ورغم حملات التوعية والتحسيس، التي يتم بثها من حين لآخر حول خطورة حوادث السير وما تسببه من مآس وخسائر بشرية لا تعوض، فإن غالبية السائقين لا يعير أي اهتمام لتلك الحملات التي نعتبرها محدودة حيث إننا بحاجة إلى أن تشمل مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حتى يكون صداها واسعا على أن يشرف عليها متخصصون.
ولا شك أن تفادي حوادث السير ممكن، بل إنه بسيط وسهل تماما، ولكنه في بلدنا كالسهل الممتنع، حيث لا نكاد نخرج من صدمة حادث إلا ويأتي حادث آخر أكثر بشاعة وإيلاما، وكأننا لا نعتبر مما نسمع ونرى بصورة شبه مستمرة.
هذا الواقع المر يجعلنا بحاجة ماسة إلى إدراك خطورة حوادث السير، التي فقدنا فيها شخصيات سياسية وعلمية وثقافية وأدبية وإعلامية وتربوية وضباطا وفنانين من مختلف المستويات وخبراء متخصصين وأسرا بأكملها وأطفالا وشبابا في أوج العطاء وفتيات في مقتبل العمر وغير ذلك مما يحز في النفس ويترك أثره البالغ في نفوس الجميع.
ولا شك أن الأمر يستدعي، إعادة النظر في الاستراتيجية التحسيسية التي يجب أن تكون أكثر شمولية وأكثر وقعا وتأثيرا في نفوس المتلقين حتى نجني ثمارها كما يجب، لأن نزيف حوادث السير متواصل بصورة مهولة وخاصة في فترات العطل ومواسم الخريف والكيطنة والمهرجانات.
لا يستدعي الأمر أكثر من تنبيه السائقين إلى ضرورة توخي الحذر أثناء السياقة واختيار الوقت المناسب للسفر وتفقد السيارة قبل الانطلاق لمعرفة وضعيتها الفنية وما إذا كانت هناك أعطال أو نواقص يجب التغلب عليها قبل بدء الرحلة، ثم احترام حد أعلى للسرعة يجب ألا يتجاوز 90 كلم في الساعة في حالة خلو الطريق من السيارات، والتراجع عند الضرورة مع الاقتراب من أية أجسام أخرى، وهي سرعة مناسبة للوصول بأمان، دون مخاطر. حيث يستطيع السائق في هذه الحالة التحكم في سيارته عند أي طارئ.
إن السلامة الطرقية تستدعي تضافر جهود الجميع، من وزارة التجهيز والنقل ووزارة الاتصال والدور المحوري للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الأكثر استقطابا للجمهور، مرورا بمنظمات المجتمع المدني المختصة، إذ لا يمكن الاستغناء عن دورها في التحسيس الميداني.
وفي هذا الصدد أذكر أن سفرا جمعني ببعض الأوروبيين، بينهم من يقيم، بحكم العمل، في موريتانيا، وقد تم تحديد الساعة الثامنة والنصف صباحا للانطلاق، كما تم تحديد سرعة لا تتجاوز 90 كم في الساعة، مع تحديد نقاط استراحات قصيرة لمدة عشر دقائق بعد قطع 100 كم على طول الطريق. والحقيقة أنني شعرت طيلة الرحلة بالأمان والراحة، حيث كانت السرعة مقبولة، ولم نتأخر عن الوصول إلى وجهتنا المحددة في الوقت المحدد سلفا.
أتنمى أن يحظى ملف السلامة الطرقية بالاهتمام اللازم منا جميعا، كل من موقعه، حتى نتفادى المزيد من زهق الأرواق والإعاقات الجسدية والنفسية وغيرها من ألوان المعاناة التي يمكن تفاديها لو ارتأينا أن نحترم قانون السير ومعايير السلامة.
أحمد مولاي محمد
زاوية “جسر التواصل” العدد 841 من أسبوعية التواصل بتاريخ 18 أغسطس 2025