أخبار وطنية

وزارة العمل الاجتماعي … اختلالات خطيرة في التسيير (بالأرقام)

محمد عبد القادر

كثيرة هي الاختلالات التي تطبع تسيير وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، وسنورد هنا العديد من الأمثلة على ذلك:
ـ محدودية تدخلات اللجنة الداخلية للصفقات والعقود، إذ أن الغالبية العظمى من مشتريات الوزارة تدخل في سقف صلاحيات الأمين العام المحددة بـ 250.000 أوقية، كما أن اللجنة الداخلية للصفقات والعقود لم تعترض على عقود بالتراضي مع مقدمي الخدمات بالرغم من عدم ذكر المبررات في الغالب، وفى حال ذكرها لم تكن كافية من الناحية القانونية، طبقا للمادة 32 من القانون 044/2010؛
ـ سُجل تدخل قوي للأمين العام في صلاحيات اللجنة الداخلية للصفقات والعقود وهو ما ينافي مقتضيات المادة 98 من المرسوم رقم 126-2017 المنظم لمدونة الصفقات العمومية ، حيث تم إسناد مهمة اختيار مقدم خدمة ، للجنة أخرى، فمثلا: من أجل دراسة جدوائية مصرف الأسرة، أسندت إلى لجنة مختلفة عن لجنة المشتريات الداخلية معينة من طرف الأمين العام السابق بموجب مذكرة عمل، ترأستها مكلفة بمهمة، ومن ضمن أعضائها رئيس اللجنة الداخلية للصفقات والعقود.
ـ هناك أيضا خطأ في تحميل النفقات ين بنود الميزانية: وقد نجم تعن ذلك اختلالات في إعداد الميزانية ونقص في شفافية تنفيذها، وهناك ثمانية نماذج من خطأ تحميل النفقات ين بنود الميزانية.
ـ تم الاعتماد على تجزئة الطلبيات، تفاديا للوصول إلى سقف اختصاص اللجنة الداخلية للصفقات والعقود، والمحدد بما يفوق سقفه الأدنى 250.000 أوقية وذلك خلافا لما تنص عليه المادة رقم 61 من مدونة الصفقات العمومية، وهناك ثمانية أمثلة موثقة على الاعتماد على تجزئة الطلبيات.
ـ عقود غير مبررة وغير شرعية: العقد الأول: الذي بموجبه تتكفل عيادة خاصة بخدمات التصفية للمرضى الذين يتم توجيههم لها من قبل إدارة المستشفى الوطني بموجب اتفاقية بين هذا المستشفى والعيادة، وتحال هذه الفواتير من طرف المستشفى الوطني إلى وزارة الشؤون الاجتماعية والطفولة والأسرة، ولم يتم التوصل لما يبرر أن تظل هذه الخدمة حصرية على هذه العيادة طيلة كل هذه السنوات. العقد الثاني: يتعلق باختيار مقدم خدمة بالتعاقد مع مكتب للاستشارات من أجل دراسة جدوائية بنك الأسرة، إلا أن اختيار هذا المكتب تم على أساس دراسة عرضين تنافسيين فقط وذلك خلافا لمقتضيات، مدونة الصفقات العمومية التي تنص على جمع ودراسة ما لا يقل عن ثلاثة عروض تنافسية. العقد الثالث: عقد بالتراضي لاختيار مقدم خدمة من أجل تكملة إعداد المنصة الرقمية للكفاءات النسوية، علما أن الوزارة سبق أن تعاقدت مع مقدم خدمة تم انتقاؤه عقب دراسة وتقييم ثلاثة عرو. ض تنافسية من أجل إنجاز المنصة. وقد قام بإنجاز الجزء الأول منها، والمتمثل في إنشاء موقع الكتروني، وسدد له المبلغ بشكل كامل.

القروض المدرة للدخل: مربط الفرس

لأن الموضوع هنا يتعلق بقروض تستهدف، من بين من تستهدف، قرابة 900 من الأشخاص المعاقين في انواكشوط، ولأن اهتمامنا، هنا، ينصب على هذه الشريحة، التي تقع تحت وصاية وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، حيث اختزلتها في إدارة لا تمتلك مقرا خاصا بها، بل مجرد مكاتب معارة من طرف شركة صونادير، حتى أصبحت هذه الإدارة تعرف باسم هذه الشركة

وسنتناول موضوع القروض المدرة للدخل بشيء من التفصيل والتحليل، وذلك من خلال “برنامج أولوياتي 2020″، ومن أجل القيام بمشاريع مدرة للدخل تساهم في تحسين الظروف المعيشية للمستفيدين وتحريك عجلة نمو الاقتصاد بشكل عام، فقد أبرمت الوزارة اتفاقيات مع مؤسسات التمويلات الصغرى من أجل التكفل بتوزيع مبالغ 59.828.550 أوقية على 1852 مستفيدا، ومتابعة المشاريع وتحصيل المستحقات مقابل نسبة محددة من مبلغ الاتفاقية، غالبا ما يكون 10% ونسبة من المبالغ المحصلة غالبا ما تكون 4% .

ويوضح الجدول التالي أهم العناصر المتعلقة بالقروض الممنوحة للأشخاص المعاقين، في إطار برنامج أولوياتي، والبالغ عددها 870 مشروعا من أصل 1852، وبمبلغ اجمالي قدره: 30.117.000 من أصل ميزانية القرض: 59.828.550 أوقية:

وقد تم تسجيل الملاحظات التالية على عمليات تسيير هذه القروض، والتي من شأنها أن تمس من شفافية العملية ومن مردوديتها:
أ -تعاقد بالتراضي مع جميع مؤسسات التمويل
لقد تم التعاقد مع جميع مؤسسات التمويل بالتراضي حيث تم التعاقد مع مؤسسة التجمع النسوي للادخار والقرض GFEC 18 مرة من أصل 25 اتفاقية أي ما مجموعه: 62.348.820 أوقية من أصل: 98.398.820 أوقية أي نسبة82% من إجمالي مبالغ الاتفاقيات. وعليه فإنه لوحظ غياب المنافسة في اختيار مؤسسات التمويل وهو ما يعتبر مخالفة لمقتضيات مدونة الصفقات العمومية؛
ب -عدم متابعة تنفيذ المشاريع
لوحظ غياب تام لمتابعة تنفيذ المشاريع حيث لم يتم الحصول على أي تقرير عن مهمة لمتابعة تنفيذ المشاريع، لا من الوزارة ولا من مؤسسات التمويل التي أسندت إليها متابعة تنفيذ المشاريع بموجب الاتفاقيات الموقعة معها،. كما أن الوزارة لم تقم أيضا بأي مهمة من أجل الوقوف على سير هذه المشاريع والتأكد مما إذا كانت قد أنجزت ونتجت عنها أنشطة مدرة للدخل أم أنها مجرد مشاريع وهمية كان الهدف منها الحصول على تمويلات غير مستحقة؛
ج – ضعف في عمليات التحصيل
لوحظ ضعف في عمليات التحصيل المقام بها من طرف مؤسسات التمويل في ظل غياب لأي ضمانة لا من مؤسسات التمويل ولا من المستفيدين. وقد لوحظ غياب وضعية التحصيل فيما يخص اتفاقية تمويل بمبلغ 1 980 000 أوقية مع مؤسسة قروض نواكشوط، لصالح 82 شخصا من ذوي الإعاقات الدائمة؛
د – صرف خارج المساطر القانونية للمبالغ المسترجعة من القروض
لوحظ أن المبالغ التي يتم تحصيلها من طرف مؤسسات التمويلات الصغرى لا يتم استرجاعها لحساب الوزارة في خزينة الدولة وإنما يتم الاحتفاظ بها من طرف هذه المؤسسات وصرفها لحاجيات الوزارة بأوامر من الأمين العام السابق أو مدير الدراسات والتعاون والمتابعة بعد موافقة مجلس توجيه برامج التمويل الذي يرأسه الأمين العام السابق، وهو الأمر الذي نتج عنه وجود ميزانية موازية لميزانية الوزارة ونفقات خارجة عن المسطرة العادية لتنفيذ النفقات العمومية ولقواعد المالية العامة؛
هـ – عدم مواكبة المفتشية الداخلية للوزارة لعمليات توزيع القروض
لم يسجل للمفتشية الداخلية أي تدخل رقابي طيلة لفترة المراقبة على الرغم من أهمية المبالغ وخصوصية العملية وما يصاحبها من مخاطر كبيرة.

و – إقصاء المعاقين في الداخل من القروض
رغم أن مجموع عدد الأشخاص المعاقين المستفيدين من هذه القروض قليل جدا، حيث لم يصل إلى 900 مستفيد، على مستوى العاصمة فقط، بينما تم إقصاء المعاقين في داخل ولايات الوطن، وهو أمر غير مبرر، فمعاقو الداخل أكثر احتياجا من القاطنين في العاصمة، وماذا يمثل هذا الرقم من العدد الإجمالي للمعاقين والبالغ عددهم نصف مليون معاق على المستوى الوطني.

وهنا نريد أن نسجل الملاحظات التالية على هذه الخروقات التي شابت تسيير القروض الموجهة للأشخاص المعاقين في إطار برنامج “أولوياتي 2020″، والتي كان من المفترض أن تكون رافعة اقتصادية مهمة للشخص المعاق، فإذا بهذه القروض أحيانا لا تصل إليه مطلقا، وأحيانا يكون المعاق مجرد معبر أو مبرر لهذه القروض، لترسو على مؤسسات أخرى خاصة لتكون أداة للتربح، أو تسلك طرقا قددا لا تمت للمصلحة العامة بصلة.

وأخيرا، نريد أن نؤكد مصداقية ما أوردنا من معلومات حيث اعتمدنا فيه، حصريا، على آخر تقرير صادر عن محكمة الحسابات، بتاريخ يونيو 2023، وقد يقول قائل أن المعلومات غير محينة، وهنا لابد من الإشارة إلى أن وزارة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة، مازالت حتى الآن تقوم ببعض الممارسات المريبة والبعيدة من الشفافية، والتي لن يتم التحدث عنها إلا في السنوات المقبلة، بعد أن تكون قد أصبحت في خبر كان.

ومن هذه الممارسات: في إطار عملية توزيع مبلغ 500 مليون أوقية على الفئات الهشة، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان (مارس 2025)، ومن ضمنها الأشخاص المعاقون، تم توزيع هذه المبالغ بطريقة بدائية وعشوائية وفوضوية، وذلك عبر لوائح لا يتم نشرها، أو إبلاغ المستفيدين منها، جرت العملية في مباني احدى المؤسسات التعليمية التابعة لهذه الوزارة، في غياب أي مؤسسة مالية ؟ فهل هذا هو البديل الجديد ؟ وأين هذا من الشفافية في تسيير المنح المالية الموزعة على المعاقين؟ ولماذا لا يتم تحويل هذه المبالغ، مثلا، عبر مؤسسة البريد Mauripost، كما هو الحال بالنسبة لأصحاب الأمراض المزمنة ومنحة متعددي الاعاقة، وإن كانت الأخيرة تسلم عبر شيكات من اتحادية المعاقين FEMANPH، أم أن الأشخاص المعاقون سيبقون مجرد بقرة حلوب لاستعطاف واستدرار التمويلات والهبات، ويبقى المعاق هو الضحية؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى