نواكشوط: انطلاق ورشة عمل وطنية لتبني إطار الامتثال للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان

انطلقت صباح اليوم الاثنين في العاصمة نواكشوط أعمال ورشة عمل وطنية تهدف إلى تبني إطار الامتثال للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وذلك بتنظيم من مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، بالتعاون مع برنامج دعم المكونات القانونية والعسكرية للقوة المشتركة لدول الساحل الخمس، الممول من الاتحاد الأوروبي والمنفذ من طرف الخبرة الفرنسية.
يهدف هذا الإطار إلى تعزيز الامتثال للقانون من خلال مجموعة من التدابير التي تركز على الوقاية من الانتهاكات وكشفها ومعالجتها، فضلاً عن دعم الشفافية والمساءلة والثقة بين المؤسسات والمواطنين. كما يُعد أداة عملية ومرنة قابلة للتكيّف مع السياق الوطني، تضع مفهومي الوقاية والمساءلة في صميم عمل مؤسسات الدفاع والأمن والعدالة.
وتأتي هذه الورشة ضمن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان (2024 – 2028)، وتحديدًا في محورها المتعلق بتكريس سيادة القانون من خلال بناء مؤسسات وطنية مسؤولة وخاضعة للمساءلة، كما تسعى إلى تعزيز الملكية الوطنية لإطار الامتثال عبر ترسيخ فهم مشترك لمكوناته وآلياته.
ويشارك في الورشة 50 متدربًا من مختلف الأجهزة الأمنية والعسكرية، إلى جانب ممثلين عن مؤسسات وطنية أخرى. وعلى مدى ثلاثة أيام، سيتلقى المشاركون عروضا ومحاضرات حول مبادئ وأسس القانون الدولي الإنساني، ووسائل حماية الأشخاص والممتلكات، وآليات إدارة الأعمال العدائية، واستخدام الوسائل القتالية، بالإضافة إلى قضايا التنفيذ والمساءلة والتحديات المعاصرة. كما سيتم تقديم عرض تفصيلي لإطار عمل الامتثال، وآليات التحليل وتحديد المجالات ذات الأولوية.
وتهدف الورشة إلى تحديد احتياجات التدريب والتوثيق وآليات المتابعة، ووضع خارطة طريق وطنية واقعية وطموحة للفترة 2025 – 2027، تُترجم الالتزامات إلى إجراءات عملية، وتُوزع المسؤوليات بوضوح بين الجهات الفاعلة، ما يسهم في تعزيز مصداقية موريتانيا أمام شركائها الدوليين وترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن.
وفي كلمته الافتتاحية، أكد المفوض المساعد لحقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، الرسول ولد الخال، أن الحكومة الموريتانية، بتوجيهات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، جعلت من ترسيخ دولة القانون خيارًا استراتيجيًا، وفق ما نصت عليه الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أن الورشة تسعى إلى دعم قدرات القطاعات السيادية في منع انتهاكات القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، والكشف عنها والتعامل معها، من خلال تطوير آليات داخلية متكاملة تتماشى مع المعايير الدولية وتعتمد على نهج وقائي وتشاركي.
وأوضح أن موريتانيا حققت خلال السنوات الأخيرة تقدمًا كبيرًا في مجال تدريب القوات المسلحة وقوات الأمن، سواء عبر تنظيم دورات وطنية وإقليمية أو من خلال إعداد مدربين متخصصين في مجالي القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. إلا أنه نبه إلى استمرار التحديات الأمنية في ظل طبيعة البلاد الجغرافية واتساع حدودها، ما يستدعي تبني أدوات فعالة كالتي يوفرها هذا الإطار.
من جهته، أشاد العقيد المتقاعد الشيخ ولد الزامل، المكلف بالارتباط بمشروع دعم برنامج المكونات القانونية والعسكرية، بالتزام موريتانيا الدائم بجعل احترام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في صلب إصلاحاتها الاستراتيجية. وأكد أن هذه الورشة تمثل جزءًا من ديناميكية وطنية قوية، تعكس إرادة الحكومة في ترسيخ دولة القانون وتعزيز احترافية القوات المسلحة وقوات الأمن.
وأضاف أن البرنامج المخصص لدعم القوة المشتركة لدول الساحل الخمس يتضمن مكونًا خاصًا بدعم الامتثال للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، وتعزيز آليات حماية المدنيين، معربًا عن تقديره للشراكة الوثيقة مع مفوضية حقوق الإنسان في هذا الإطار.
وقد جرى حفل افتتاح الورشة بحضور عدد من كبار المسؤولين، من بينهم الأمناء العامون لوزارات الداخلية، والدفاع، والصيد، والبنية التحتية البحرية والمينائية، إلى جانب مستشارين من وزارات سيادية معنية.