قوة العرب وإيران في ظل حتمية الصراع مع الكيان الصهيوني

رغم أن الغرب، الذي زرع الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية، يريد أن يواصل العرب والمسلمون اقتتالهم فيما بينهم حتى لا تكون هناك قوة عربية أو إسلامية قادرة على مواجهة هذا الكيان المصطنع، إلا أن واقع الأمة خلال العقود الأربعة الأخيرة أثبت لنا أننا أضعنا البوصلة في الصراعات المذهبية والطائفية، وأن العدو الحقيقي لكل الأمة العربية والإسلامية ليس سوى الكيان الصهيوني، الذي زرعه الغرب في قلب فلسطين ليرعى مصالحه في المنطقة ويصبح قاعدته المتقدمة في الشرق الأوسط.
ثمان سنوات من الحرب العبثية بين العراق وإيران، خلص فيها المتحاربون المباشرون إلى أنهم كانوا ضحية لمؤامرة خارجية أريد لها إضعاف البلدين المسلمين الجارين، أعقبتها سنوات من “الفوضى الخلاقة” كما أسماها صانعوها، قبل أن يطلقوا عليها اسم “الربيع العربي” للاستهلاك الإعلامي والشعبوي، أفضت إلى تدمير دول عربية وازنة كان لها حضورها الإقليمي والدولي سياسيا واقتصاديا وعسكريا، بدءا بالعراق مرورا بليبيا وانتهاء باليمن وسوريا، مع محاولات فشلت في مصر وتونس، لكنها قد تنجح لاحقا كما قد تندلع في دول أخرى كالجزائر. دون أن ننسى “الحرب الصليبية” على أفغانستان، والتي قد تتكرر بسيناريوهات مختلفة في باكستان التي توعدها الإرهابي نتنياهو حين قيل إنه لن يسمح لباكستان ولا لأي دولة إسلامية بامتلاك السلاح النووي.
ولعل الحرب الأخيرة بين الكيان الصهيوني المدعوم أمريكيا وغربيا من جهة وإيران الإسلامية من جهة أخرى وتدخل واشنطن لتدمير المنشآن النووية السلمية لإيران، خير دليل على السياسات التوسعية للغرب ولأداته في المنطقة ورفض هذا الغرب وكيانه في المنطقة لأي شكل من أشكال القوة الذاتية لاي بلد عربي أو إسلامي.
بعد تدمير القوة العسكرية في العراق وتجريد ليبيا من برنامجها النووي وتدمير مفاعلات العراق وسوريا، وتحويل دول عربية قوية إلى دول فقيرة متسولة، لم يبق في المنطقة سوى مصر والجزائر والسعودية من الدول الوازنة التي يمكن أن تشكل تهديدا مستقبليا لبقاء الكيان الصهيوني، لذلك، وللاستفادة من التجارب السابقة فإن الدول العربية والإسلامية مطالبة بامتلاك وسائل القوة حتى تتمكن من ردع أي عدوان محتمل عليها، وهو قادم لا محالة، كما أنها مطالبة بتشكيل تحالف إقليمي ودرع يحميها، قد لا يبدو أوانه قد تجلى، ولكنه سيبدو حتميا في وقت لاحق.
لا يمكننا إزاحة إيران من خريطة المنطقة، لأنها بلد وحضارة متجذرة فيها، لكننا نستطيع استعادة فلسطين وطرد شذاذ الآفاق الصهاينة منها لأنهم ببساطة ليسوا فلسطينيين وبمجرد ما تتساقط الصواريخ على رؤوسهم فإنهم سيعودون إلى بلدانهم برا وجوا وبحرا. خاصة وأن السابع من أكتوبر وحرب الــ 12 يوما الأخيرة مع إيران، أكدت للعالم أن هؤلاء الصهاينة لا تربطهم أي صلة بفلسطين سوى خرافات لا وجود لها، ووعود الأمان والرخاء الكاذب، وقد تأكدوا بالفعل أن فلسطين لأهلها ولا تصلح إلا لهم.
وهكذا يجب على دولنا العربية والإسلامية مراجعة حساباتها وإعادة قراءة الأحداث التي مرت بالمنطقة خلال العقود الأخيرة حتى يتبنوا القرار الذي يفضي إلى حتمية التكاتف وبناء القوة للردع أولا وللتحرر والتحرير كذلك.
أبو محمد
من زاوية “بلا قناع” العدد 838 من أسبوعية التواصل بتاريخ 7 يوليو 2025