أخبار وطنية

غزواني: الأوضاع في مالي تقتضي المؤازرة واستحضار العلاقات التاريخية بين البلدين

في مدينة عدل بكرو، كما في باسكنو، استمع المواطنون على الحدود مع مالي أو في هذا البلد الشقيق، إلى قراءة مفصلة من قبل رئيس الجمهورية، حيث قال في عدل بكرو:

“لقد استمعت إلى مداخلات الأشخاص الذين تحدثوا عن الوضع على الحدود مع مالي، وأقول لهم إننا نشاركهم مشاعرهم تجاه هذا الوضع الذي يؤثر بشكل كبير، بكل صراحة، على هذه المقاطعة التي تقع على بعد 12/15 كلم، من الحدود، إن لم يكن أقل.

وفي إطار الاهتمام الذي نوليه للوضع على حدودنا، أرسلنا مرارًا وتكرارًا وفودًا وزارية لتوضيح الظروف الحالية للوضع الذي يؤثر عليكم بشكل خاص أو على الأقل تشعرون بآثاره بشكل مباشر.

كنت أعتقد أن الوضع قد تم شرحه بشكل كافٍ، لكنني لن أفوت الفرصة التي تتيحها لي هذه الزيارة للعودة إليه شخصياً.

هنا، في عدل بكرو، يجب أن نفهم جميعاً أننا نواجه وضعاً جغرافياً لا يمكننا فعل شيء حياله.

فقرب عدل بكرو من الحدود قد أدى إلى تداخلات من جميع الأنواع وتراكم العادات والممارسات من الجانبين.

بالنسبة لنا فنحن مربو ماشية في مقاطعة رعوية بامتياز، والثروة التي تمتلكها هذه المقاطعة تعود بالتأكيد إلى مالكيها، لكنها تعود أيضاً إلى الدولة والأمة اللتين تستفيدان منها استفادة كبيرة.

لذلك أود أن نذكر أننا وإخواننا الماليين مرتبطون منذ زمن طويل، قبل أن نصبح دولتين وتفصل بيننا حدود، من خلال تنقل متبادل المنفعة، وعلينا أن ننسب لهم الفضل في قبولهم دائماً أن نرعى ماشيتنا في أراضيهم، وهو أمر يجب أن لا ننساه ولن ننساه أبداً.

ولكن إذا وجدوا أنفسهم، رغماً عنهم، في ظروف صعبة، في حالة حرب نعرفها نحن ويعترفون بها هم أنفسهم، فيجب أن ندرك أن الأمور لم تعد كما كانت من قبل، لأن حالة الحرب تؤثر على الجميع، حتى نحن الذين لسنا طرفاً فيها، فما بالك بهم؟

وإذا كان إخواننا في حالة حرب، يجب أن نتعاطف معهم، وأن نتحلى بالصبر تجاههم، وأن نساعدهم للخروج من هذه المحنة، لأن البلدان لا يمكنها أن تنتقل من مكان إلى آخر، ولأن الأزمات تظهر وتختفي إلى أن تستقر الأوضاع وتتحسن، كما ينبغي لنا أن لا ننسى أنهم لطالما أظهروا حسن الجوار، ولم يطردوا أحداً أو يثيروا غضبه، ولكنهم يجدون أنفسهم اليوم في وضع يفوق قدراتهم، مع أراضي أوسع من أراضينا وجماعات إرهابية تنشط في شمال مالي وفي المنطقة المتاخمة لنا، مما يخلق صعوبات كثيرة يجب أن نتفهمها، وما لم يتمكنوا من السيطرة عليها لا بد أن نتفهم أن لديهم أولويات، وهو ما يفعله الناس حتى في أوقات السلم.

وإذا كانوا يعتقدون، في ظل الوضع الذي وصفته للتو، أن المنطقة المتاخمة لنا لا تدخل في أولوياتهم، وهو ما كان على الوزراء أن يشرحوه لكم، كان عليكم، قبل وقوع الأضرار، أن تتخذوا قرار العودة إلى دياركم.

فعودتكم ستدفعنا إلى إيجاد حلول لمشاكل المياه التي تواجه الماشية، وكما أشارت وزيرة المياه منذ قليل، فإن لدينا برنامجان في مجال المياه، أحدهما تم تدشينه يوم الخميس الماضي في النعمة، في إطار البرنامج الاستعجالي للتنمية المحلية، والآخر يتعلق بحفر الآبار الارتوازية. ولقد طلبت من الوزيرة النظر في برنامج ثالث في المناطق الحدودية حيث توجد المراعي للتدخل فيها، وذلك لا يمثل مشكلة، لكن الأمن أهم من أي شيء آخر، وعلينا أن نعمل على ضمانه لنا ولممتلكاتنا في انتظار عودة السلام إلى جيراننا الذين – وأكرر ذلك مرة أخرى – يجب أن نحييهم على الصبر الذي أبدوه دائماً تجاهنا.

إن مواطنينا في مالي وهنا على الحدود ينقسمون إلى ثلاث فئات، رعاة متنقلون معتادون على التنقل في مالي، حيث يجدون الماء والمراعي، وتجار مستقرون في أماكن أبعد قليلاً، في باماكو على وجه الخصوص، وقد أشار أحدهم إلى وضعهم وسأعود إليه لاحقاً، وأخيراً، إخواننا الذين توجد عائلاتهم وجذورهم هنا ولكنهم يعيشون في مالي ويحملون جنسية هذا البلد ونحن معهم بكل إخلاص. هذه الفئة الأخيرة لا تحمل الجنسية الموريتانية بالطبع، ولكن لها أقارب هنا، ونحن نتعاطف معهم ونعرب عن تضامننا معهم، ولكن يجب ألا ننسى أنهم ماليون وأن الدول مكونة من حدود تفصل بين عائلات من جنسيات مختلفة، فإذا طلبوا مساعدتنا، فسوف نساعدهم بكل ما في وسعنا، دون أن ننسى أنهم ليسوا موريتانيين، فهذه هي الحقيقة، في انتظار أن تتغير الأوضاع أو أن يطلبوا التجنيس، وهو ما يتبع إجراءات قانونية معروفة.

أما بالنسبة للفئة الثانية، وهي الموريتانيون المقيمون في باماكو، والذين أغلقت متاجرهم منذ عدة أشهر، أود أن أذكر أننا، في مواجهة هذه الحالة، أرسلنا وزراء، ولاسيما وزير الخارجية، الذي أطلعكم بلا شك على جميع الإجراءات المتخذة، ووعدتهم السلطات المالية بالسماح بإعادة فتح هذه المتاجر. ومع ذلك، يجب أن تفهموا أن وعود الدول تستجيب لأحكام خاصة تستغرق الوقت اللازم، ونحن ملتزمون بهذا التعهد.

نحن معكم ولن نتوقف عن العمل لمساعدتكم، سواء كنتم في باماكو أو في أي مكان آخر من الأراضي المالية. إنها مهمة مستمرة إن شاء الله”.

وفي باسكنو، تطرق رئيس الجمهورية إلى الوضع على الحدود مع مالي، قائلا:

“أود هنا أن أشكر سكاننا على الحدود، وبشكل خاص سكان باسكنو، على الجهود الكبيرة التي بذلوها وما زالوا يبذلونها في القيام بدور الدولة تجاه إخوانهم وجيرانهم، لا شك أن ذلك له ثمنه، وهو الضغط الشديد على ما هو متاح لمواطنينا، لكنكم، بكرم ضيافتكم وتفهمكم، قبلتم تقاسم ما هو متاح، سواء كان الماء أو الكهرباء التي يبدو أنها تتعرض لضغط شديد، أو التعليم أو الصحة، إنكم تتصرفون وفقا لما تتحلون به من كرم ضيافة، ولكن أقول لكم أيضا أنكم تحملون شعلة موريتانيا ونيابة عنها فيما يمكنها أن تقدمه لمساعدة الإخوة والجيران، خاصة عندما يكونون في وضع صعب.

إنكم تلعبون هنا دوراً وطنياً، وتمثلوننا بشكل جميل فيما يمكننا القيام به في هذا الصدد فيما يتعلق بالأخلاق وحسن الجوار.

ممثلو المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الذين كانوا هنا منذ قليل هم أجانب يعرفون قيمة ذلك والضغط الذي يترتب عليه، وهم يعرفون بشكل خاص، كما قال أحدهم منذ قليل، أن موريتانيا هي التي يجب شكرها على جميع المستويات، فظاهرة اللاجئين ظاهرة عالمية، وهي تحدث في حالات خاصة من النزاعات والأزمات والضغوط، وفي مثل هذه الحالات، تكون وجهة اللاجئ هي البلد المجاور، ولاسيما البلد الذي من المرجح أن يظهر التعاطف والتفهم.

أنا أعرف الرجل الذي تحدث قبل قليل، فقد التقيت به في اليابان حيث تحدث عن موريتانيا وباسكنو، وهو ما يعد في حد ذاته فخرا ومكسباً للبلاد.

هناك أساس يجب أن لا يغيب عن بالنا، وهو أن التاريخ يجب أن يشهد لكم، لا ضدكم، لذا، أشكركم على هذا العمل الذي قمتم به من تلقاء أنفسكم، وعلى حسكم الأمني الذي تظهرونه، واستعدادكم للوقوف في وجه كل ما من شأنه أن يهدد استقرار وسلامة بلدكم، ويجب أن نتعلم من كل هذا، أن الأمن هو جوهر كل شيء، وبدونه لا يمكن تحقيق أي تنمية.

وللحفاظ على هذا الأمن، يجب أن نكون مستعدين لتقديم كل التضحيات، وفي هذا الصدد، تحشد الدولة جميع مواردها للقوات المسلحة وقوات الأمن، لا سيما في المناطق الحدودية حيث يشكل ذلك ضرورة حيوية، وهذه فرصة لأطلب منكم جميعاً أن تشيدوا بالدور الذي تضطلع به قواتنا المسلحة وقوات أمننا في الحفاظ على الأمن في جميع أنحاء الأراضي الوطنية، ولا سيما في المناطق الحدودية”.
و م ا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى