مقالات وآراء

غزة تنزف.. والعالم يكتفي بالمشاهدة! / تماد إسلم أيديه

“لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم”.. هكذا يردّد الفلسطينيون في كل لحظة، وهم يشيّعون أبناءهم، ويلملمون أشلاء أحبّائهم من تحت الركام، في مشهد بات يومياً في قطاع غزة المحاصر. مئة شهيد في اليوم الواحد، ومئات الجرحى والمهجّرين، غالبيتهم من النساء والأطفال، فيما لا تزال آلة الحرب الإسرائيلية تفتك بالبشر والحجر على مرأى ومسمع من العالم كلّه.
إن ما يحدث في غزة ليس “نزاعاً” أو “حرباً” كما تحاول بعض وسائل الإعلام تجميله، بل هو إبادة جماعية ممنهجة، وتطهير عرقي لا لبس فيه.
عدوان مستمر بلا سقف ولا خطوط حمراء، تُستباح فيه أرواح الأبرياء، وتُستهدف فيه الأحياء السكنية والمدارس والمستشفيات دون وازع من ضمير أو رادع من قانون.
وفي مقابل هذا الجحيم اليومي، يسود صمت دولي مشين، وعجز عربي وإسلامي مخزٍ، وكأن الفلسطينيين قد أصبحوا غربان فداء تُقدَّم على مذبح المصالح السياسية، أو ضريبة لا بدّ منها لاسترضاء القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
إلى متى يظل الدم الفلسطيني مستباحاً؟ إلى متى يُقتل الأطفال وهم نيام، وتُهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها، بينما تتعالى خطابات “القلق العميق” و”الدعوات إلى التهدئة” وكأنها تُقال لمجرّد ذرّ الرماد في العيون؟، متى تتحرّك الشعوب الحرة؟ متى تعلو أصوات الأحرار في العالم الإسلامي والإنساني لوقف هذا النزيف المستمر؟ هل مات الحسّ الإنساني فعلاً؟ أم أن الاعتياد على رؤية الجثث والمآسي اليومية قد قتل الضمير، حتى باتت المجازر جزءاً من روتين الأخبار الذي لا يُحدث فرقاً في القلوب؟.
إن ما يجري في غزة ليس معركة الفلسطينيين وحدهم، بل هو امتحان أخلاقي للعالم أجمع، ومن يتخاذل اليوم عن نصرة الحق، سيسجّل عليه التاريخ موقف العار، كما سجّل من قبل على كل من صمت عن الجرائم ضد الإنسانية.

الخاتمة
إننا، في هذا المفصل الخطير من تاريخ الأمة، نوجّه نداءنا العاجل والصادق إلى كل القوى الحيّة في المجتمعات العربية والإسلامية، وإلى أحرار العالم من مختلف العرقيات والانتماءات، أن يتحمّلوا مسؤوليتهم الأخلاقية والإنسانية، وأن يتحرّكوا بكل الوسائل الممكنة لإنصاف الفلسطينيين. فلا مجال بعد اليوم للمشاهدة الصامتة.

لا مكان للحياد في وجه المجازر.
لا عذر لمن يملك كلمة أو موقفًا أو منصة أو قلمًا ويسكت.
ندعو الشعوب إلى الخروج من دائرة التنديد اللفظي، إلى ميادين التأثير الحقيقي:
بالضغط على الحكومات لوقف التطبيع،
وبمقاطعة الاحتلال ومؤيديه اقتصادياً وإعلامياً،
وبدعم الصمود الفلسطيني بكل أشكال الدعم الممكنة،
وبنقل الحقيقة إلى العالم وكشف جرائم الاحتلال أمام الرأي العام الدولي.
إنّ الوقوف مع فلسطين ليس شعاراً موسميّاً ولا ترفاً عاطفيّاً، بل هو موقف وجودي وقضية ضمير.
فآن الأوان أن نكسر جدار الصمت، وأن نعيد الاعتبار لكرامة الإنسان الفلسطيني، وأن نُدرك أن الوقوف مع فلسطين ليس خياراً سياسياً، بل هو موقف أخلاقي وإنساني لا يحتمل الحياد.
الحق لا يُمنح، بل يُنتزع، وما ضاع حق وراءه مطالب. فكونوا في الصفّ الصحيح من التاريخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى