خفي (ترامب) / الأستاذ: عبدو سيدي محمد

دعوة البيت الأبيض لخمسة رؤوساء دول افارقة هي (أستدعاء) و ليست دعوة رسمية ل (التحاور) و تبادل الأراء و الاستثمار. فتلك الدول بلا وزن اقتصادي أو سياسي أو عسكري أو علمي و ليس لها تأثير على القارة الأفريقية أو على صناع القرار من الدول الكبرى. كما تتقاسم تلك الدول تجارب فريدة في الفساد و سوء التسيير و معدل عال من البطالة و الفقر.
إذن لماذا استدعى التاجر ترامب أصحاب الفخامة؟
اعتقد ان الموقع الاستيراتيجي المطل على المحيط الأطلسي و كذا نتائج مسح الدراسات الجيولوحية التي تشير إلى كنوز هائلة تحت الأرض و أحتياطات من نفائس المعادن تلك الأسباب هي جوهر الاستدعاء.
التاجر ترامب لن يضيع فرصة كهذه خاصة أن التلاميذ ليس بمقدورهم رفض أوامر الأستاذ فهو يتحكم في سلم التنقيط و التجاوز والنجاح أو الرسوب و (التأديب).
وحسب المتاح و المتداول إعلاميا غالتاجر ترامب كان (صارما) و أحيانا يضطر إلى (إسكات) الضيوف إن جازت تسميتهم بذلك.
لا شك هناك خلل بين و أخطاء على مستوى البروتوكول الرئاسي و الدبلوماسي مما يظهر ضعف التنسيق و تبادل المعلومات الإرشادية.
على سبيل المثال لا الحصر الحديث باللغة الفرنسية، رغم وجود فريق الترجمة الفورية الجاهز، و هذا للأسف يعطي رسالة عن التبعية اللغوية و (السيادية) لفرنسا، وسينعكس سلبا على الصورة النمطية لدى (البيت الأبيض) ذات اللسان الانجلوفوني و المعادي تقليديا وتاريخيا للفرانكفونية. و قد فعلها فخامة الرئيس سابقا في قمة لندن.
ترامب رئيس دولة مؤسسات فهو، اي ترامب، (مأمور) ويؤدي دوره حسب الخطة الاستيراتيجية الشمولية. فهناك برلمان (الكونغرس) منتخب شعبيا و ليس برلمانا منتخبا قبليا وعن طريق خبط عشواء.
أيضا هناك مستشارون أكفاء لم يعينهم مجلس (الأربعاء). وبالتالي ليس من الحزم أن يكون الرئيس ضمن فريق خمسة رؤوساء وسادسهم (ترامب).
كان بالإمكان عدم تلبية حضور الاستدعاء فالرئيس الذي شارف على نصف المأمورية الثانية دون أي إنجازات كبرى ملموسة على أرض الواقع من شأنها الرفع من المستوى المعيشي و الخدماتي و الاقتصادي ليس من الحكمة المواجهة مع مشرف (كاتش) و حلاب (الأمراء). خاصة أن الحكومات المتعاقبة خلال المأمورية الأولى والثانية كانت حكومات هزيلة و (مهزوزة) رغم الحملات الإعلامية التلميعية مرورا من محطة (الصالحين) إلى محطة (دموع) القلب العامر بالإيمان.
فالحكومة الحالية التي يقودها القائل (أن الرئيس المحبوس محمد ولد عبد العزيز اهم من الماء و الكهرباء) ليست قادرة على الرد السيادي ضد التصريحات الرسمية و الإعلامية من دول الجوار. وصلت إلى درجة التصريح المباشر، صوتا وصورة، بفرض مصالح السنغال على موريتانيا في تحد صارخ لهيبة و فخامة الرئيس وحكومته، وهذا في إشارة إلى اتفاقية الذل و العار والخيانة التي وقعها وزير الخارجية الموريتاني مع نظريته السنغالية.
خلاصة القول إن الولايات المتحدة الأمريكية دولة ذات نظرة و بعد استيراتيجي وتعتمد على البراغماتية حيث لا مجال للعاطفة و المواقف الشخصية الارتجالية.
و بالتالي استدعاء الرؤساء الأفارقة جاء بعد تقارير أمنية دقيقة جدا و عليهم تنفيذ مواد الأجندة الأمريكية بالشكل و الصورة التي ترضي واشنطن و البيت الأبيض. وعليه خربطة التطبيع ليست مطروحة إطلاقا على طاولة (النقاش) مع موريتانيا لكن سيتولى أصدقاء و حلفاء اليهود المهمة عبر مشاريع و مسميات و شركات. وما حادثة ميناء تانيت (قبل الجمعية و لقاء منسق المائدة) عنا ببعيد.
اعتقد ان البيت الأبيض لديه خطة جاهزة تتكون من شقين. الشق الأول إشراك الشركات الأمريكية من الغاز و هذه هي النقطة الأهم و سيتم تنفيذها (أن لم تكن قد نفذت في صمت).
الشق الثاني قاعدة عسكرية على الحدود الشرقية المحاذية لمالي و الجزائر غير بعيدة من قاعدة (لمرية). أما نقطة أستقبال المهاجرين هو تضليل إعلامي لإعطاء فرصة لرد ماء الوجه بالرفض.
لا تستطيع اي دولة رفض أستقبال مواطنيها المهاجرين خاصة إذا كانت اميريكا ترغب فعليا في ترحيلهم. موريتانيا وقعت مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لكنها غير ملزمة قانونيا و تمويليا. وعندما تملص الاتحاد الأوروبي منها لم تستقبل نواكشوط اي مهاجر من أورزبا. من أخطاء الحكومة الحالية الفادحة هي مسايرة ومجاملة الطابور الفرانكفوني الزنجي رغبة و رهبة من فرنسا و محاولة التسويق إعلاميا أن موريتانيا دولة أفريقية بحتة و هذا يحصر العرب (البيظان) بين مطرقة الأزنجة و سندان الفرنسة.
و خلال مؤتمر دولي برعاية سامية و بحضور عربي رفيع المستوى اكاديميا و دبلوماسيا و رسميا و وزاريا، و في لقطة نادرة تم استقبال الضيوف من طرف زنجيات يحملن اقداح اللبن التقليدية و التمر و بلباس إفريقي مزركش و زينة إفريقية أصيلة
مع ذلك لم يدرك المشرفون على المؤتمر أن حفاوة الاستقبال بالضيوف و تقديم اللبن و التمر من العادات والتقاليد العربية الأصيلة المتجذرة و ليست من القيم والعادات الأفريقية. فلماذا لا يتم إحضار فتيات عربيات بزيهن التقليدي جنبا إلى جنب مع اخواتهن الافريقيات لتكتمل الصورة الرائعة لموريتانيا دون إحراج الضيوف و(تخمة) المضيفات.
أ. عبدو سيدي محمد