مقالات وآراء

الوطن فوق الطموحات الشخصية: قراءة في تصريحات بيرام الداه اعبيد

في ظل وضعية تسيب خطيرة وغياب أي رادع لمن يستحق الردع تتصاعد الخطابات التي لا تتقيد بأخلاق ولابقانون ولا تتوقف عند حد.
في ظل هذا الجو ومع تفرج النخبة السياسية والمجتمعية تطالعنا من حين لآخر تصريحات وصوتيات تنتهك حرمات الثوابت الوطنية وتختزل الوطن في صراعات سياسية وطموحات شخصية.
وقد تفاجأ الرأي العام الوطني بتجاوزات لفظية واتهامات شنيعة بحق موريتانيا صادرة عن النائب بيرام الداه اعبيد، امام بعض أنصاره في بروكسل.
ففي خطابه، وصف بيرام موريتانيا بأنها دولة عنصرية تمارس التمييز وتقتل مواطنيها على أساس اللون و مكان الإقامة وهي تهم خطيرة تمس الشعب الموريتاني بأكمله، وتُلقي بظلال سلبية على وحدته وهويته الوطنية، وتفتح المجال أمام جهات خارجية لاستغلال تلك الاتهامات في غير ما يخدم المصلحة الوطنية.
فالنقد السياسي حق مكفول، والاحتجاج على ممارسات النظام مشروع، بل ومطلوب في أوقات كثيرة. غير أن الخلط بين النظام والدولة، وبين الحكومة والوطن، يُعتبر سقطة لا تغتفر في عالم السياسة. فمن السهل مهاجمة السلطة، لكن من الخطير تقويض صورة الدولة نفسها في الخارج، والتشكيك في نسيجها الوطني لأغراض دعائية أو انتخابية.
موريتانيا، بتاريخها العريق وتركيبتها الاجتماعية المتنوعة، ليست نظامًا عابرًا، بل هي وطن يتسع لجميع مكوناته. وأي محاولة لتقديم صورة مشوهة عنه باسم النضال، تسيء أكثر مما تُصلح، وتضر الفئات المهمشة بدل أن تنصفها.
إن الخطاب السياسي يجب أن يبنى علي المسؤولية والرصانة لا على الإثارة والتضخيم، ومن هذا المنطلق فإن على النائب بيرام الداه اعبيد – إذاكان فعلا يسعي إلي بناء قاعدة وطنية جامعة- أن يعيد النظر في طريقته، ويعتذر للشعب الموريتاني عن تلك التصريحات التي تخدم أعداء البلد أكثر مما تخدم قضايا العدالة والمساواة.
سيدي محمد اخليفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى