أخبار وطنية

السفير الفلسطيني بموريتانيا: مع مرور 77 عاما على النكبة لا يزال المشهد يتكرر والخيام تُنصب وقوافل النـزوح مستمرة والظُلم لم ينته بعد

نظمت سفارة دولة فلسطين في موريتانيا مساء اليوم بقاعة الامباسادور بالعاصمة نواكشوط فعالية تخليد الذى السابعة والسبعين لنكبة فلسطين التي تصادف 15 مايو حيث اقيم الكيان الصهيوني على اغلب الاراضي الفلسطينية عام 1948 ومنذ ذلك التاريخ يعاني الشعب الفلسطيني من المذابح والتهجير والتنكيل والأسر وانواع المعاناة.
وشهدت الفعالية الافتتاح بآيات من القرآن الكريم تلاها عزف النشيدين الوطنيين الموريتاني والفلسطيني ثم عرض فيلم عن النكبة اعقب ذلك خطاب سعادة السفير محمد الاسعد ليختتم الحفل بتكريم بعض الشخصيات.

وفي كلمته بالمناسبة قال سفير دولة فلسطين الدكتور محمد الأسعد:
أيتها الأخوات.. أيها الإخوة..
يا أبناء شعبنا الفلسطيني العظيم..
يُحيـي الشعب الفلسطيني في فلسطين والشتات الذكرى الــ77 للنكبة الفلسطينية، في الخامس عشر من شهر آيار من كل عام والتـي كانت بدايتها في العام 1948، حيث تمثلت باحتلال ما يزيد عن ثلاثة أرباع مساحة فلسطين التاريخية من قبل العصابات الصهيونية، وأدت إلى تدمير أكثـر من 531 قرية فلسطينية وطرد وتشريد أكثـر من 950 ألف فلسطيني من مدنهم وبلداتهم الأصلية بالقوة، من أصل مليون و400 ألف فلسطيني كانوا يعيشون في 1300 قرية ومدينة إلى الدول العربية المجاورة لفلسطين وعدد من دول العالم.
ومع مرور 77 عاما على النكبة، لا يزال المشهد يتكرر والخيام تُنصب، وقوافل النـزوح مستمرة، وظُلم لم ينته بعد، مع مواصلة “إسرائيل” القوة القائمة بالاحتلال حرب الإبادة والتهجيـر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، والتـي أسفرت في حصيلة غيـر نهائية عن ارتقاء ما يزيد عن 50 ألف شهيد وإصابة ما يزيد عن 150 ألف جريح، علاوة على 15 ألف مفقود وسط دمار هائل طال مخيمات القطاع الشمالية التـي أصبحت تفتقر لـمقومات الحياة بعد تدميرها بشكل كامل وبات سكانها من اللاجئين الفلسطينيين الذي يقدر عددهم ب 1.4 مليون لاجئ يعيشون في خيام النزوح من جديد.
ولا تزال حرب الإبادة والتجويع والتهجيـر مستمرة، رغم كل الوساطات والمناشدات الاقليمية والدولية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الانسانية الى قطاع غزة وإغلاق كل المنافذ والمعابر حتـى إشعار آخر وارتكاب جريمة جديدة من الجرائم الانسانية والتطهيـر العرقي والابادة بالتجويع لأكثـر من 2.5 مليون فلسطيني محاصر في قطاع غزة.
إن الفصول الجديدة من النكبة الفلسطينية التـي أنتجتـها حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة (التـي أعلنتها “اسرائيل” حربا وجودية) لا تُكتب في قطاع غزة وحده، وإنما في الضفة الغربية والقدس المحتلة والداخل الفلسطيني، حيث واصلت حكومة الاحتلال جرائم القتل بحق المدنيين، والملاحقات والاعتقالات الجماعية والتضييق على الأسرى والتنكيل بهم، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، وهدم منازل الفلسطينيين والتهجير القسري.
كما شنت حربـها القسرية على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية (جنين، طولكرم، ونور شمس) وارتقاء عشرات الشهداء ومئات الجرحى معظمهم من الأطفال والنساء، وإلى تدمير البنية التحتية وحرق وهدم مئات المنازل بعد تهجيـر سكانها في مسعى إسرائيلي الى تدمير المخيمات وهجرها ودمجها ضمن أحياء المدن القريبة لإخفاء الشاهد الحي على النكبة الفلسطينية، كمدخل لتصفية قضية اللاجئين خاصة وأن استهداف المخيمات جاء متزامنا مع استهداف الاحتلال لوكالة “الأنروا” وحظر عملها في القدس العاصمة الأبدية لفلسطين.
الإخوة والاخوات..
المشهد الفلسطيني ما زال معقدا في ظل مخططات التهجيـر التـي تُصر “إسرائيل” على تنفيذها والتـي تُعد الأخطر التـي تهدد المشروع الوطني الفلسطيني نحو العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
ومع تولي دونالد ترامب مهامه رئيسا للولايات المتحدة الامريكية، أعلن في 25 كانون الثاني من هذا العام عن خطته تطهيـر قطاع غزة من أجل إحلال السلام في الشرق الاوسط، والتـي تقضي بالاستيلاء والسيطرة عليه وتهجيـر سكانه الى الدول المجاورة لبناء مشروع استثماري سياحي “أطلق عليه ريفييـرا الشرق الاوسط” في تراجع واضح عن النهج التقليدي للسياسات الأمريكية في الشرق الاوسط، والذي كان قائما على حل الدولتين، ليحل محله منهج جديد وموقف سياسي خطيـر يهدف الى تجسيد الاحتلال الإحلالي واستبدال شعب مكان آخر ضمن خطة استيطانية إسرائيلية – أمريكية لتفريغ القطاع من سكانه، وتحويله الى بؤر استيطانية ومناطق أمنية عازلة، لكننا نقول لهم:
لن نرحل/ فلسطين للفلسطينيين
لا للتهجير
لا للتوطين
أوقفوا حرب الإبادة
حق العودة حق مقدس

لقد رفضت “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلا،ل والادارة الأمريكية الخطة المصرية الفلسطينية العربية لإعادة إعمار قطاع غزة ومنع تهجير سكانه التـي اعتمدها القادة العرب خلال القمة العربية الاستثنائية التي عقدت في القاهرة 4 مارس 2025.
وأمام جرائم الاحتلال الإسرائيلي ومخططات التهجيـر، شهدت القضية الفلسطينية تطورا في الأمم المتحدة بشأن فتوى محكمة العدل الدولية وإصدار قرار بإلزام سلطات الاحتلال بإنهاء احتلالها ووجودها غيـر القانوني على أرض دولة فلسطين خلال 12 شهرا، علاوة على إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق المجرم نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

الإخوة والاخوات..
نحن نمر بمرحلة انتقالية صعبة وحساسة، نشهد فيها إنتقالا تدريجيا صعبا وصراعات مريرة في إطار الانتقال من عالم أحادي القطبية سيطرت عليه الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار المعسكر الاشتراكي نحو عالم متعدد الأقطاب أكثـر عدلا ومساواة وانضباطا للقانون الدولي والشرعية الدولية وانحيازا لمصالح الشعوب النامية، وأمام شأننا الوطني الفلسطيني حيث تتصاعد المخاطر الوجودية، ستبقى أولوياتنا الآن مواجهة سياسات الضم والاستيطان وشطب “حل الدولتين” في ظل الانزياح المتواصل بالمجتمع الإسرائيلي نحو التطرف والعنصرية الفاشية.
وفي هذا الإطار فإن الأولوية هي وقف الحرب الظالمة والإرهابية المفروضة على شعبنا وفتح المعابر وتسهيل وتسريع الإغاثة الإنسانية، حيث يواجه أبناء شعبنا الموت جوعا، كما شاهدتم في الفيلم نتيجة الحصار والإبادة الجماعية المستمرة.
إن اليوم التالي للحرب هو شأن فلسطيني داخلي انطلاقا من وحدة الجغرافيا ووحدة النظام السياسي الفلسطيني والولاية الجغرافية والسياسية والقانونية، ووفقا لهذا الفهم فالمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى وكذلك كل ما يتعلق باليوم الثاني للحرب ومستقبل غزة هو شأن وطنـي فلسطيني ولا يجب أن يكون شأنا يخص فئة هنا أو هناك، مما لاشك فيه لاقت جولة ترامب الى الخليج العربي اهتماما كبيـرا وعلى مستوى الكوكب، وما رافقها من آراء سواء ناقدة او مُرحبة، مؤيدة او رافضة، محبطة او مشجعة، ولكل أسبابه المرتبطة بمصالحه.
وبالحديث عن زيارة الرئيس الأمريكي وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد أعاد التلويح لبعض مشاريعه حيث أنه يريد من الولايات المتحدة أن تمتلك غزة وتحويلها الى منطقة “حرية” وبذلك يبقى المشروع الأمريكي الإسرائيلي قائما باعتباره تحديا للواقع الفلسطيني.
وإذ أعلن “جيش” الاحتلال بأنه يجهز هجوما غيـر مسبوق على خان يونس، وأمر السكان بالنزوح الى منطقة المواصي الساحلية وهي عبارة عن خِيم، وكما أفاد السكان بأن المشهد مرعب ويشبه أهوال يوم القيامة، حيث حاول المواطنون العثور على أماكن تأويهم، لكن لم تتوفر أي أماكن خالية وكانوا يتنقلون سيرا على الأقدام من مكان إلى مكان حاملين معهم أمتعتهم.
أيها الإخوة والاخوات..
رغم الآلام والجراح والقتل والتنكيل ما زال شعبنا ينظر الى المستقبل بعين الأمل، حيث ستقف الشقيقة المملكة العربية السعودية بأميرها الشاب ولي العهد محمد بن سلمان، حفظه الله ورعاه، الى جانب فرنسا مؤثرة في الأمم المتحدة حول القضية الفلسطينية وتجسيد الدولة الفلسطينية على مبدأ حل الدولتين.
إن هذا الحدث يَحظى باهتمام دولي كبيـر ، إذ ندعوا جميع دول العالم إلى دعم هذه المبادرة لإنهاء معاناة شعبنا الفلسطيني من الظلم والقهر.
ونرحب بالخطوات التي اتخذتها بعض الدول:
حيث صادق البرلمان الإسباني بالنظر في مقتـرح حظر تجارة الأسلحة إلى “إسرائيل”.
والبيان الصادر لقادة اسبانيا والنـرويج وايسلندا وبريطانيا وايرلندا ولوكسمبورغ ومالطا وسلوفينيا وايطاليا، حيث دعت حكومة “إسرائيل” للتراجع فورا عن سياستها الحالية ورفع الحصار بالكامل عن غزة وإدانة التصعيد المتزايد في الضفة الغربية وآخرها إطلاق النار بالأمس من قبل قوات الاحتلال على السلك الدبلوماسي الأوروبي المعتمد لدى دولة فلسطين في جنين، والتوجه لمراجعة اتفاقية الشراكة ما بين الاتحاد الاوربي و”إسرائيل”.
وموقف روسيا الاتحادية والصين الشعبية في المحافل الدولية الرافض للسياسات الإسرائيلية اتجاه الشعب الفلسطيني، وتوجيه الشكر لجنوب إفريقيا التـي دافعت بشراسة في محكمة العدل عن الحق الفلسطيني، وإذ نرحب بالبيان البريطاني – الفرنسي والكندي دعم حقوق الشعب الفلسطيني، أوجه الشكر لجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية على مواجهة مشروع التهجيـر القسري أو الطوعي للشعب الفلسطيني، ونتطلع الى المزيد من القرارات لإلزام “اسرائيل”:

  • بوقف إطلاق النار
  • الانسحاب الكامل من قطاع غزة وباقي الاراضي الفلسطينية
  • إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية.
    الإخوة والأخوات..
    إننا نوجه الشكر للدول التـي اعترفت بالدولة الفلسطينية منذ عام 1988 والدول التـي اعترفت في الآونة الأخيرة ومنها السويد، وايرلندا، وسلوفينيا ، وإسبانيا ونتطلع الى باقي الدول الاعتراف بدولة فلسطين، ولدولهم وقادتهم وأوجه الشكر للأشقاء العرب على مواقفهم في دعم ومساندة وتبنـي القضية الفلسطينية في المحافل الاقليمية والدولية، ونحن نحيـي اليوم هذه المناسبة للنكبة التي ألـمت بشعبنا في فلسطين الحبيبة.
    وإننـي أوجه الشكر الجزيل لهذا البلد الطيب الحبيب موريتانيا الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعباً وعلى رأسها فخامة الرئيس السيد محمد ولد الشيخ الغزواني أدامه الله لدعمهم ومساندتهم للقضية الفلسطينية في المحافل الإقليمية والدولية منذ إعلان استقلال موريتانيا عام 1960، والحق أقول منذ عام 1948.. وهذا الشعب العظيم الذي جاب وما زال يجوب شوارع نواكشوط وكل المدن والقرى والبلدات تأييداً لفلسطين،
    لقد قدمت موريتانيا أبناءها على مذبح الحرية والاستقلال من أجل فلسطين فهنيئاً لموريتانيا على هذا الشعب العظيم فلطالما كان الشعب الموريتاني الداعم والسند رغم بُعد المسافات وشُح المعلومات فقد كان أبناء شنقيط أبناء المرابطين بلد العراقة حُماة العروبة والإسلام بلد الأصالة والكرم، الحضن والحصن لكل فلسطيني دخل هذه الأرض الطيبة فكان مواطناً من الدرجة الأولى ولم يشعر بالغربة أبداً لأنه في بلده.
    شكراً لموريتانيا الأصيلة الشقيقة
    شكراً لشعبها الأبي البطل وقيادته الرشيدة
    شكراً لكل طفل وامرأة ورجل وشاب وشيخ وقف ودافع عن فلسطين.
    شكراً للأحزاب السياسية التـي دعمت الشعب الفلسطيني وكل على طريقته الخاصة.
    عاشت موريتانيا الحبيبة
    عاشت فلسطين حرة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف
    لنصلي معاً في القدس
    والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”
    وقد مثل الحكومة في الحفل المنظم بهذه بالمناسبة، وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة الحسين ولد مدو، والأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والموريتانيين في الخارج السيد دمان ولد همر.
  • وفي كلمة له بالمناسبة، جدد الوزير التأكيد على موقف موريتانيا الرسمي والشعبي الداعم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، والذي جسده رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني في يومياته وأعماله وخطاباته في كل القمم التي حضرها، مستنهضا الإرادة الدولية والمجتمع الدولي من أجل وضع حد لعمليات الاحتلال وتحقيق المساعي الرامية لإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
  • ودعا إلى وجوب إيجاد حل قائم على مبادئ الشرعية الدولية والمبادرة العربية يكفل استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
  • وندد بتصامم وتخاذل المجتمع الدولي حيال ما يتعرض له الفلسطينيون تقتيلا وتهجيرا وتجويعا طيلة مسارهم وبالأخص في الفترة الحالية، حيث تسود عمليات الإبادة الجماعية والتهجير الذي طال سكان غزة والضفة والقدس.
  • وقام وزير الثقافة رفقة السفير الفلسطيني الدكتور محمد قاسم الأسعد ومعاونيه بجولة في المعارض المخصصة لذكرى النكبة.
  • حضر فعالية تخليد ذكرى النكبة إلى جانب الحسين ولد مدو وزير الثقافة والفنون والاتصال والامين العام لوزارة الخارجية دمان ولد همر، والمديرة المساعدة لإدارة العالم العربي بوزارة الخارجية أمنة بنت خليفة، عدد من الرسميين الموريتانيين و أعضاء السلك الدبلوماسي.المعتمد في موريتانيا، وعدد من المسؤولين ومن النخب الموريتانية .
  • كما شارك في الفعالية ممثلو الجاليات العربية والجالية الفلسطينية في موريتانيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى