إنصاف مستحق بعد طول انتظار… 1865 متعاوناً في الإعلام العمومي يستعيدون حقوقهم

في خطوة طال انتظارها، أعلن رئيس الجمهورية، محمد ولد الشيخ الغزواني، عن إنصاف 1865 متعاوناً كانوا يعملون في مؤسسات الإعلام العمومي، بعد سنوات طويلة من الترقب والمعاناة المهنية والمعيشية، في قرار يُعدّ تحولاً تاريخياً، طالما نادى به العاملون في القطاع وناشطو المجتمع المدني.
هؤلاء المتعاونون، الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الإعلام الوطني- إذاعةً وتلفزيوناً ووكالة أنباء- ظلوا لسنوات طوال يعملون دون عقود رسمية، محرومين من أبسط الحقوق الأساسية، كالتأمين الصحي، والتقاعد، والترقية الوظيفية. وقد بقي ملفهم الإنساني والاجتماعي حبيس الأدراج، رغم المناشدات المتكررة والوعود التي لم تجد طريقها للتنفيذ عبر تعاقب الأنظمة.
ويأتي قرار رئيس الجمهورية اليوم بمثابة وفاء بالعهد، وردّ اعتبار مستحق لهذه الكفاءات، التي ساهمت على مدى عقود في إيصال صوت الوطن إلى الداخل والخارج، ومواكبة التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها البلاد، دون أن تنال أدنى درجات التقدير المؤسسي.
كما يُنظر إلى هذه الخطوة بوصفها بداية لمسار إصلاحي أوسع، يعيد الاعتبار لواقع العمل الإعلامي العمومي، ويُسلّط الضوء على أهمية تأمين حقوق العاملين فيه، بوصفهم عماد نقل المعلومة الرسمية وصوت الدولة إلى الرأي العام.
وقد قوبل القرار بترحيب واسع في الأوساط الإعلامية والشعبية، واعتُبر بادرة إصلاح حقيقية تعكس الإرادة السياسية في ترسيخ العدالة الوظيفية، وتثمين الدور الحيوي للإعلام العمومي في خدمة الوطن والمواطن.
ودعا مراقبون إلى ضرورة استكمال هذا التوجه، عبر حزمة إصلاحات عميقة تشمل هيكلة المؤسسات، وتحسين بيئة العمل، والرفع من مستوى الكفاءة المهنية للصحفيين والإعلاميين الذين عانوا طويلاً في صمت داخل “مهنة المتاعب”.
كما طالب مهنيون بضرورة الاستثمار في التجهيزات الفنية والتقنية، وتعزيز التكوين المستمر للعاملين، من أجل بناء إعلام عمومي قوي، قادر على المنافسة، ومواكب لمتغيرات العصر، وفاعل في مسار التحول الديمقراطي والتنمية الوطنية.
إنصاف 1865 متعاوناً ليس مجرد رقم في سجل الموظفين، بل هو انتصار لقيم العدالة وردّ للجميل، ولبنة حقيقية في مشروع بناء دولة المؤسسات، التي لا يضيع فيها جهد المخلصين، ولا يُنسى فيها من خدم الوطن بصمت وتفانٍ، في سبيل أن يظل الإعلام العمومي صوت الشعب والضمير المهني للدولة.
تماد إسلم أيديه