العاب نارية أم لعب بالنار أم هي لغة المصالح في درب التبانة؟

اثنين, 15/04/2024 - 23:14

رصعت إيران سماء المشرق العربي بمسيراتها وصواريخها المتلألئة محاكية درب التبانة ومباهية له فباتت شعوب المنطقة تشرئب إلى الشهب بأعناقها تحملها تحية وشوقا إلى وجهتها وتعلق عليها أملا ضيعه ملوك الطوائف وتباركها وتتمنى لها الظفر والنجاح
ووضع البعض أيديهم على قلوبهم متمنين ل "إسرائيل" السلامة حتى لا يرتفع شأن إيران !
وهيأت الأنظمة جيوشها للدفاع عن المحتل لأن مصيرهما مشترك.
ولم يكد ينتهي استعراض القوة وتنتهي حالة الذهول ويطمئن القوم على القوم، حتى بدأت السخرية مما أسموه العرض المسرحي وقالوا إنما سكرت أبصارنا
 لقد نفث بعض المحللين والكتاب "والمفكرين" السم والصديد وملأ فحيح الأفاعي كل مكان
وعلى الضفة الأخرى قوم استخفهم النصر الموهوم فهم يقربون الرواحل ويهيؤون الزاد لرحلتهم إلى الأقصى المحرر 
وبين الطائفتين المتقاتلتين فئة ترى أن  إيران تلعب بالنار  
لقد تحكمت الأهواء فغاب المنطق.
إن إيران كانت أمام خيارات صعبة فهي ملزمة بالرد في العمق "الاسرائيلي" وفي نفس الوقت لا ينبغي أن تنجر إلى حرب حدد العدو زمانها وميدانها، وهي إلى جانب هذا وذاك مطالبة بعدم منح "إسرائيل" الفرصة للظهور بمظهر الضحية بعدما فقدت تلك السردية بسبب حرب القطاع، ولقد حققت كل هذه الأهداف وأكثر
لقد حققت إيران بعرضها الذكي المنسق ما يلي : 
١- تحجيم "إسرائيل" التي كانت تبيع الوهم للعرب والعالم، فكما قزم طوفان الأقصى قدراتها الاستخباراتية قزمت شهب إيران المتلألئة قدراتها الدفاعية واقتنع الجميع بأنها لا تستطيع حماية نفسها وأنها محمية فقط بالدفاعات الأمريكية 
٢- أكدت ل"إسرائيل" أنها قادرة على ضرب كل شيء وكل منشأة عسكرية أو مدنية في أرض فلسطين 
٣- برهنت بما لا يدع مجالا للشك أنها الدولة الأقوى في المنطقة والأكثر امتلاكا لناصية العلم والتكنلوجيا 
٤- بات واضحا أن خيارها دعم حزب الله وسوريا والجماعات الفلسطينية خيار استراتيجي ناجح، فهي الآن بعد أن تجاوزت مسألة الرد الأولي الذي ينبغي أن ينطلق من أرضها، قادرة على الانخراط في سلسلة من الضربات الموجعة للعدو من مسافات قريبة وعندها لن تجدي دفاعات الغرب شيئا 
٥- لقد نجحت في شكم نتنياهو ورفاقه المتطرفين ووضعت في رقبته حبلا وسلمته إلى الرئيس الأمريكي، حيث تبين له ولجمهوره ولعملائه العرب وللعالم أن أمريكا هي من حمتهم من أعالي البحار ومن أراضي العرب.
إن إيران تؤكد من جديد أنها دولة تملك مع القوة صبرا وتبصرا ورباطة جأش فهي لم تتهور ولم تنجر وراء العواطف، ولم ترتعد فرائصها فرقا فتسلم ما بيدها من أسلحة إلى أعدائها وظلت تبني قوتها وتمد أطنابها وتستفيد من خيانة حكامنا وأخطاء خصومها.
أما ما يأخذه البعض عليها من أنها لم تقتل مئات اليهود ولم تدمر منشآتهم يوم أمس فقد غلبتهم أمانيهم الشخصية والقومية خلافا للإيراني الذي دقق الحساب فاختار  مستقبله ومصلحته على إشباع رغبات إنسان عربي عاجز عن الانجاز
لقد ظلت إيران ولا تزال تحاول تأخير لحظة المواجهة العسكرية مع الغرب.
أما ما يذهب إليه بعض مرضى نظرية المؤامرة من أن إيران تنسق عروضا مسرحية مع الأمريكيين والاسرائليين فترد عليه بعض الأسئلة :
هل قتل خيرة قادتها باتفاق معها ؟ 
هل قتل علمائها باتفاق معها ؟ 
هل تخريب مفاعلاتها باتفاق معها ؟ 
هل تسليح المتمردين وتشجيع شعبها على الثورة باتفاق معها؟ 
هل حصارها خمسين عاما باتفاق معها أم هي أحقادنا وضغائننا وعجزنا  نرمي بها غيرنا ؟
نعم إيران لا تريد الحرب، مع قدرتها على خوضها، على العكس من قادتنا العظماء عبر تاريخنا الحديث، وهي لا ترضى بالدخول في زمرة عملاء الغرب في المنطقة على الرغم من أنهم سيمنحونها القيادة  على العكس من قادتنا الخونة عبر تاريخنا الحديث أيضا، وبهذه المعادلة الدقيقة حققت ما حققته.
لقد تحدثت إيران ليلة البارحة في سماوات مشرقنا العربي لغة القوة والتطور والعلم وأرسلت رسائل لا تخطؤها العين تقول للعرب نحن فوقكم وللكبار نحن بينكم ول"إسرائيل" نحن نحيط بكم
موسى ابياه