محاكمة "العشرية": الرئيس السابق يرفض الرد على أسئلة  دفاع الدولة ويقول: أمضيت ستة أشهر لا أعرف ما يجري في العالم

أربعاء, 24/05/2023 - 21:56

خصصت المحكمة المختصة في جرائم الفساد جلستها مساء الثلاثاء لمتابعة أسئلة هيئة دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لموكلها، وذلك من حيث توقفت الجلسة الصباحية أثناء أسئلة منسق هيئة الدفاع المحامي محمدن ولد اشدو.

ووصلت الجلسة خلال ساعات المساء إلى دفاع الطرف المدني (الدولة)، حيث أعلن الرئيس السابق أنه لا يعترف بهم، ولن يرد على أسئلتهم، لكن رئيس المحكمة القاضي عمار محمد الأمين أحال لهم الميكروفون، ودعاهم لبدء طرح أسئلتهم.

وقد تقدم المحامي لوغورومو عبدول بالعديد من الأسئلة للرئيس السابق، وتولى المحامي سيدي محمد أغربط ترجمتها إلى العربية، لكن الرئيس السابق كان يرد كل مرة بأنه: "لم يفهم لغة السؤال"، أو أنه "لا جواب لديه"، أو "أنه لا يعنيه"، باستثناء سؤال واحد علق عليه بقوله: "هذه مغالطات مغالطات".

وبدأت الجلسة بإعلان رئيس المحكمة افتتاح الجلسة عند الساعة: 15:38 دقيقة تقريبا، ثم أحال الكلام إلى المحامي ولد اشدو لمواصلة أسئلته.

ولد اشدو: أذكركم السيد الرئيس بطلباتنا للمحكمة.

السيد الرئيس، المادة: 93 من الدستور تحصنكم من المحاكمة إلا إذا كانت أمام محكمة العدل السامية، وتحصر صلاحية اتهامكم في الجمعية الوطنية، هل تم تغيير هذه المادة من الدستور خلال حكمكم أم أنها بقيت كما هي؟

عزيز: لم يتم تغييرها وما زالت كما هي. صحيح أن الدستور خضع للتعديل، لكن هذه المادة لم تتغير

ولد اشدو: لا يوجد في الدستور كما ذكرتم ما يؤسس لتشكيل لجنة التحقيق البرلمانية، ولا يوجد فيه ما يتيح للبرلمان إحالة تقريرها إلى الحكومة لتحيله الحكومة إلى وزير العدل، ويحيله وزير العدل إلى النيابة للتحقيق، فكيف تمت هذه الإحالة؟

عزيز: كل هذا يدخل في الاستهداف الممنهج لي، ولنظام العشرية وما تم فيه

ولد اشدو: يوم 06 أغسطس 2020 أقيلت حكومة الوزير الأول إسماعيل بده الشيخ سيديا، وعين مكانه الوزير الأول محمد ولد بلال، وفي نفس اليوم كلف وكيل الجمهورية مدير مديرية شرطة الجرائم الاقتصادية بالتحقيق في الملف.

وفي يوم 07 أغسطس 2020 وصل وزير العدل الحالي عبر طائرة خاصة إلى نواكشوط. وفي نفس اليوم فتح بحثا ابتدائيا حول الرئيس السابق وأفراد أسرته ومحيطه مع أن اسمكم لم يرد في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، والنيابة اعتمدت على تحقيق اللجنة.

وقد وشح الضابط الذي قام بهذا التحقيق.

فما هو تفسيركم لذلك؟

رئيس المحكمة: سؤالكم الموالي

ولد اشدو: قرأ نص قرار تكليف وكيل الجمهورية لمدير مديرية شرطة الجرائم الاقتصادية.

وهنا تدخل وكيل الجمهورية متهما ولد اشدو بالتحريف، كما طالبه بقراءة كل المحاضر، ورد ولد اشدو قائلا: هي محاضر أنتم من أنجزها، ولا يعنيني إن كان في فيها تحريف. والتعليمات التي أصدرتموها لمدير شرطة الجرائم الاقتصادية تتعلق بمن وردوا في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية، والرئيس السابق لم يرد في تقرير اللجنة، والشرطة كنت تشير في محاضرها يوم 07 أغسطس إلى أوامر ستصدر يوم 11 و12 من نفس الشهر، وتقرير اللجنة لا علاقة له بالموضوع

وهنا تدخل رئيس المحكمة وخاطب ولد اشدو قائلا: ما هذا؟ وهل هو دفع شكلي، إذا كان كذلك فإن مرحلة الدفوع الشكلية قد انتهت.

فيما تدخل المحامي المختار ولد اعلي – وهو من دفاع محمد ولد امصبوع – وسأل رئيس المحكمة إن كان هذا حكما، مستغربا ذلك، وهو ما رد عليه رئيس المحكمة بقوله: هذا معروف، المحكمة أعلنته، الدفوع الشكلية لها مرحلتها، وإذا انتهت تنتهي معها، فيما واصل ولد اعلي احتجاجه.

ولد عبد العزيز تدخل، ووصف سؤال المحامي ولد اشدو بأنه "وارد"، مؤكدا أن هذا يشكل استهدافا له ولأسرته، وهو استهداف واضح وغير مبرر، مبديا استغرابه لاحتجاز أمواله والتصرف فيها دون عمله، ودون تقديم أي محضر أو تقرير عنها، وتجاوز القوانين والمساطر في ذلك.

ولد اشدو: منعنا من مرافقتكم إلى إدارة الأمن خلال استدعائكم أول مرة رغم صراحة المادة: 36 من قانون المحاماة، وكذا الفقرة الثالثة من المادة التمهيدية من قانون الإجراءات الجنائية، والتي نصت على المساواة بين الأطراف الذين يوجدون في مركز واحد في الظروف والتعامل، كيف تفسرون ذلك؟

عزيز: لقد استدعيت يوم 17 أغسطس 2020 الساعة الرابعة مساء، وقد منعتم من الدخول معي إلى إدارة الأمن. بعد ساعات بدأوا التحقيق معي بحضور ما بين 10 إلى 12 ضابط شرطة، وبحضور المدير المساعد للأمن الوطني، وقد رفضت الحديث إليهم استنادا إلى المادة: 93 من الدستور.

في اليوم الموالي استدعوني مجددا، ووجدت نفس الجماعة، وطرحوا علي قرابة 50 سؤالا رفضت الرد عليها، وقالوا إنهم سيطرحونها ويضيفون أنني رفضت الإجابة عليها. سألوني إن كنت سأوقع المحضر ورددت بالإيجاب، لكن عندما قدموه لي وجدت أنه أنجز بناء على أوامر من وكيل الجمهورية لمدير شرطة الجرائم الاقتصادية، وسألت المدير المساعد للأمن عن مبرر حضوره، وأبلغته أن هذا الأمر لا يعينه، ورفضت التوقيع على المحضر.

أمضيت عندهم ثمانية أيام في ظروف قاسية، ولم يأخذ التحقيق خلالها سوى 10 دقائق تقريبا، وكان المكان الذي احتجزت فيه غير نظيف ولا مكيف، كما كانت دخان السجائر منتشرا فيه.

ولد اشدو: أحلتم للنيابة العامة، وأحالتكم النيابة العامة إلى فريق التحقيق مع طلب وضعكم تحت المراقبة القضائية المشددة، مع أن الرقابة المشددة لا وجود لها في القانون الموريتاني، واستجاب فريق التحقيق ووضعكم تحت المراقبة القضائية، خلافا للمادة: 123 من قانون الإجراءات الجنائية، خصوصا وأنكم شخص معروف ولا تحتاجون لضامن إحضار، وقد استجبتم لكل الاستدعاءات التي وجهت لكم

رئيس المحكمة: ما هو سؤالكم له، هل تريدونه أن يفسر لك القانون؟ ثم خاطب ولد عبد العزيز قائلا: هو يريدك أن تفسر له القانون

عزيز: سأنطلق من الواقع للتعليق على هذا الأمر. هناك أشخاص نفذوا جرائم معروفة ومؤكدة وأطلق سراحهم بضمان أو بحرية مؤقتة أو كفالة مالية، مع أن جرائمهم مؤكدة وليست كالاتهامات الباطلة الموجهة لي، وهذا يقع كثيرا داخل البلاد وخارجها.

وبالنسبة لي فالرقابة القضائية المشددة، والسجن كلها استهداف لي، ومن المعلوم أنني لم أتغيب عن أي استدعاء لا من الشرطة ولا القضاء، وإذا كان يريدون ضمانا ماليا فقد أخذوا كل أموالي، و10% منها تكفي لتكون ضمانا لي. كما أنني سافرت إلى الخارج ثم عدت منه.

لقد اتضح أن الهدف من استهدافي وسجني هو عزلي عن الناس، ومنعي من لقائهم ومنعهم من لقائي، أمضيت 6 أشهر لم أر الشمس فيها إلا مرة واحدة، كان الهدف أن أختفي من الساحة، لقد تغير الكثير أثناء غيابي، مات رؤساء، ووقعت انقلابات دون أن أعلم بها، عندما خرجت كنت أسألهم عن أشخاص فيخبرونني أنهم توفوا أثناء إخفائي.

كل ما تعرضت له يتنافى مع القانون ومع الاتفاقيات الدولية، وخصوصا الاتفاقية المعروفة باسم "نيلسون مانديلا".

ولد اشدو: المرسوم رقم: 017 – 2017 والذي ينظم فريق الادعاء وفريق التحقيق المختصين في الجرائم الاقتصادية ينص على أن يعين رئيس الادعاء قاضيا منسقا للملف، كما يعين رئيس فريق التحقيق قاضيا مكلفا بالملف، لكن رئيس فريق الادعاء تولى الأمن بنفسه، وكذا رئيس فريق التحقيق، وكل الإجراءات التي اتخذت في الملف كانت من طرف أشخاص غير مختصين، وتشكل خرقا لهذا المرسوم، كيف ترون ذلك؟

وكيل الجمهورية مخاطبا ولد اشدو: راجعوا المرسوم فيما يتعلق منه بفريق الادعاء

عزيز: هذا كله مسلسل استهداف من بدايته إلى نهايته

ولد اشدو: تمت إحالتكم إلى السجن بعد أن كنتم تحت الرقابة القضائية المشددة، بناء على المادة: 18 من قانون الفساد، وهي مادة لا علاقة لها بالموضوع، هل تضررتم من ذلك؟

عزيز: نعم، لقد تضررت منه، وما زلت متضررا منه، وهو استهداف سياسي ممنهج ومبرم.

ولد إشدو: تعرضت ممتلكاتكم للمصادرة، هل أطلعتم على ذلك؟ وهل سلمت لكم أي وثيقة عنه؟

رئيس المحكمة: توخيا للدقة في المصطلحات لم تحصل أي مصادرة إلى الآن، وهي من اختصاص المحكمة، وما وقع إلى الآن مجرد احتجاز

ولد اشدو: بل هي مصادرة وليست احتجازا وقدم مثالا على ذلك بمنزل رجل الأعمال أفيل ولد اللهاه مؤكدا أنه لم يستعده إلى الآن.

رئيس المحكمة: أنا أتحدث عما يتعلق بالمحكمة، وفيما يعنيها، وهي لم تصادر أي شيء إلى الآن.

عزيز: لن أقول إنما وقع مصادرة، ولن أقول إنه احتجاز. وأنا لم أستدع لحضور العملية، ولم أسلم أي محضر، ولم تحترم حقوقي. من حق كل من تحتجز أمواله أن يترك له جزء من ماله أو رابته ليعيش به، وهو ما لم يتم في حقي.

لقد أخذت كل أموالي دون علمي، وأعطيت لأشخاص ليسيروها، ومن شبه المؤكد عندي أن هناك عمارات مؤجرة تؤخذ أجرتها من مؤجريها دون أن يعطوا وصلا عن ذلك، كما أن بعض المواد المحجوزة تم بيعها.

وهنا تلفظ عضو هيئة دفاع الطرف المدني (الدولة) فضيلي ولد الرايس بكلمة وجهها للرئيس السابق ولم تسمع في القاعة، وقد أمره رئيس المحكمة بالوقوف، وإعلان سحبها فورا، كما أمر بمنحه "ميكرفونا" ليتحدث فيه، وتقدم أحد أفراد الشرطة لأخذ الميكرفون الخاص بوكيل الجمهورية، لكن الوكيل منعه من أخذه، ليقدم له رئيس المحكمة ميكروفونه الخاص.

وقد أخذ المحامي فضيلي ولد الرايس الميكروفون، ووقف وأعلن سحب الكلمة، فيما تهجم مدونون محسوبون على الرئيس السابق على ولد الرايس عبر حساباتهم في فيسبوك، وقالوا إن الكلمة التي فرض على ولد الرايس سحبها هي مخاطبته للرئيس السابق بقوله: "أنت سارق"، فيما نفى أحد المحامين ذلك، وقال إن ولد الرايس قال لولد عبد العزيز: "هل لديك ممتلكات؟"

ولد اشدو: موكلي متهم بناء على تصريح قال فيه إنه يملك أموالا، وقد أخذه أهل فتنة المرجعية لاستغلاله

رئيس المحكمة: سؤالكم الموالي

ولد اشدو: خلال التحقيق معكم هل حضر أي من محامي ما يوصف بالطرف المدني المزعوم؟

عزيز: حاول أحدهم الحضور أمام قاضي التحقيق واعترضت على ذلك فأخرجهم نفس الوقت

ولد اشدو: الشهود الذي مثلوا أمام المحكمة، ولا نعرف الجهة التي استدعتهم، والنيابة العامة قالت إنهم ليسوا شهود إثبات ولا اتهام، وهم خلال مثولهم هنا لم يشهدوا بما يدل على ارتكابكم أي جرم، كيف تفسرون استعادة النيابة العامة لأقوالهم؟

رئيس المحكمة: أريد أن أوضح قضية الشهود، هؤلاء شهود استدعتهم المحكمة من خلال النيابة العامة، وذلك وفقا للمادة 511 من قانون الإجراءات الجنائية

ولد اشدو: أختم أسئلتي بمثلين لا شك أن الكل يعرفهما، وهما:

- "راجل يبني حله وحله ما تبني راجل"،

- و"مده جنت كامله يكون واحد حازو اعليه وكتفوه"

وهنا أعلن رئيس المحكمة أنه سيتحول إلى أسئلة الطرف المدني بعد أن سأل دفاع المتهمين إن كانت أسئلتهم قد اكتملت، حيث تقدم عضو دفاع الرئيس السابق المحامي محمد سالم ولد البشير.

كما تدخل الرئيس السابق، وخاطب رئيس المحكمة قائلا: أنا لدي مشكلة مع طرفية الطرف المدني.

أسئلة المحامي محمد سالم ولد البشير

ولد البشير مخاطبا عزيز: هل تؤكد أنك لم توقع أي محضر بحجز أموالكم؟

عزيز: لم أعلم به أصلا فكيف أوقعه!

ولد البشير: هل الرئيس السابق تترتب له حقوق بصفته رئيسا سابقا؟

عزيز: نعم، ولم أجدها، كما أن لي الحق في نسبة من الأموال المحتجزة حجزا لا أعترف بشرعيته

ولد البشير:  هل وجدت حقوقك المالية؟

عزيز: لم أجدها، وقد طالبت بها، ورغم ذلك لم تمنح لي، وبعد الكثير من المطالبة طلبوا مني شرطا تعجيزيا، وهي أن أفتح حسابا بنكيا آخر، وأنا حساباتي مجمدة فكيف أفتح حسابا بنكيا جديدا.

المحامي ولد البشير قال للمحكمة إن الرئيس السابق قد تعب من طول الاستجواب، وإن على رئيس المحكمة أن يرفع الجلسة لمنحه فرصة للراحة، وتوجه رئيس المحكمة إلى ولد عبد العزيز بالسؤال قائلا: هل يمكنك أن تواصل أم تعبت، ورد عزيز بأنه يمكنه المواصلة، لكن محاميه واصل الاعتراض وطلب رفع الجلسة، ليعلن رئيس المحكمة التحول إلى دفاع الطرف المدني (الدولة).

وكان أول من تقدم من دفاع الطرف المدني (الدولة) المحامي لوغورمو عبدول، وهنا عاد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز لتذكير رئيس المحكمة بأنه لا يعترف بطرفية دفاع الطرف المدني، ولن يرد على أسئلتهم، ليرد عليه رئيس المحكمة بأنهم لهم الحق في طرح الأسئلة، وله الحق في عدم الرد عليهم.

وعادت مشكلة الميكرفونات مع حاجة المحكمة للترجمة بسبب حديث لو غورمو عبدول باللغة الفرنسية، حيث تقدم للترجمة له المحامي عبد الله ولد اكاه قبل أن يترك المهمة للمحامي سيدي محمد ولد أغربط، وكان المترجم والمترجم له يستخدمان نفس الميكرفون قبل أن يطلب رئيس المحكمة ميكرفونا آخر.

ورفض الرئيس السابق الإجابة على الأسئلة التي تقدم بها محامي الطرف المدني لوغورمو عبدول مؤكدا عدم اعترافه بطرفية فريق الدفاع عن الدولة.

وأوضح الرئيس السابق قائلا: "أسئلة المحكمة والنيابة العامة سأرد عليها، أما أسئلة هؤلاء فلن أرد عليها، ودفاعي أخبروني أنهم لم يستلموا ما يثبت حق هؤلاء في نيل صفة الطرفية في هذا الملف. مع أن لدي أجوبة على كل الأسئلة التي يطرحونها فإنني لن أرد عليهم.

وبعد طرح المحامي لوغورمو أسئلته ورفض الرئيس السابق الإجابة عليها قرر رئيس المحكمة رفع الجلسة إلى يوم الاثنين المقبل.

 

الأخبار + التواصل