تقرير لجنة التشاور المدرسي، وضرورة مراجعته قبل عرضه على البرلمان / د.إشيب ولد أباتي

خميس, 09/12/2021 - 15:21

هل نقول نيابة عن المدرسة التعليمية، والعبء  اللا مجدي، إذا كان من أجل إصلاح  حالها في حيثيات التقرير الإداري، وهله، كما قال الشاعر على لسان حبيبته "مال الغبيط  بنا معا عقرت بعيري، يا امرأ القيس فانزل"؟

وهذا يعني ـ ضمن ما يعني ـ المطالبة بترك المدرسة التعليمية كما هي، وتجنيبها مآخذ تطبيقات هذا التقرير الذي طرح أسئلة الموضوع من منطلق الواجب، غرامة ،"مديونية " على الحاضر للغائبين من النشء، الاجيال القادمة، وليس، كموضوع حياة، أو موت لمجتمع الحاضر بكباره، وصغاره، وكيانه السياسي، والحضاري المهدد بالانقراض في نظر البعض،، وهو ما يعبر عنه بالوطن المسافر في متاهات، بينما العالم المعاصر، يسير في مدارات تقدمه التربوي والتعليمي، والحضاري،،

وأين من هذه الفرضية تلك التي طرحها الفرنسيون للإصلاح التربوي في القرن التاسع عشر،وهي أيهما، يستطيع الفرنسيون التعويض عنه في حالة غيابه: السياسي، أو المهندس؟

فهلا استبدل هؤلاء الخبراء موضوع تقريرهم ـ عن المدرسة التعليمية ـ فوجه من أجل إصلاح الإدارة الوطنية، والتسيير العام للحكومة الموقرة، لأنهما أولى بهذا المشروع السياسي  التوافقي الذي قدم توليفة من الآراء التي شكلت رؤى عديدة، كان الهدف  الظاهر، هو تسجيل  رؤى القائمين على الأيام التشاورية بدلا من مراعاة مطالب النشء، والقدرات الذهنية خلال مراحل النمو العقلي، وقياس عليه ما يراد للتعليم ممثلا في المراحل الأولية،  وغيرها، بينما، تم إقصاء غيرها بشكل يوضح غياب الرؤية الشمولية لدى الباحثين التربويين مهنيا،  وتهميش قيمة الربط  بين مراحل التعليم  ببعضها البعض في مشروعهم  الذي اختزل التعليم كله في المرحلتين الأساسية، والإعدادية ،،؟

 وكان من المفترض منهجيا على الباحث التربوي ـ أحرى أن يكون فريقا تربويا يربو تعداده على 800 باحثا، ومن ضمنهم رئيس جامعة سابق، ووزراء، ومدراء، ومفتشين تربويين ـ أن يحدد الظاهرة، كما لو أنه يقدمها في خطة بحث لنيل درجة علمية في مجال تخصصه لجهة علمية، فيعمل على تحديد الظاهرة، والمنطلقات الفكرية، ثم المبررات، والغاية من البحث، ثم التوصيات في آخر البحث،، وذلك ضمن أبواب، و فصول، أو فقرات، وهي خطوات  تعد اجرائية، لتقديم الهيكل العام..

خطوات  تعد إجرائية، لتقديم الهيكل العام، والأطراف الجزئية، والمكملة،، بينما غاب بعضها، ودمج بعضها في بعض في التقرير المدرسي المقدم لوزارة التعليم، لكن أن يكون الأخير بديلا عن الإصلاح التربوي، فهذا موضوع اعتراض من أي باحث ملم بموضوع التقرير، والغاية منه التي روج لها  منذ الافتتاح المدرسي منذ شهرين، وكتب عنها الكثير في الإعلام الرسمي، والحر في المواقع الافتراضية، ومع ذلك ذهبت كل تلك الاجتهادات  في سلة الإهمال، ولم يطلع أحد عليها من أصحاب القرير المذكور ،، فكيف نتقدم  اجتماعيا، وعلميا بهذا التفكير الذي لا يستأنس بعالم المعرفة..؟!

ومن الأمور التي ذكرت في ديباجة التقرير تلك المنطلقات الأولية  في سطر واحد من ( المادة الثانية)، وجاءت لواحقها ضمن الخلطة العجيبة الغريبة، لتحديد  الوظائف المناقض بعضها لبعض للمدرسة، والمعان العديدة التي أعطيت لها، تمثل واجهات عديدة الأبعاد، ولعل الضرورة ـ ربما ـ لإسكات كل الحاضرين، والحصول على الموافقة العامة، لكن ذلك، ظهر جليا على أنه كان على حساب الإصلاح التربوي المنشود من طرف المجتمع، الأمر الذي يتطلب إعادة التقرير إلى أصحابه ـ  وشكر الله سعيهم ـ واستبداله  بآخر,  يوكل إلى أهل الاختصاص التربوي من علماء الاجتماع، ومناهج البحث العلمي، وطرق التدريس التربوي، والنفسي بهدف إعداد برنامج للإصلاح التربوي، وليس تقريرا إداريا،، وقد يتطلب الأمر وقتا لا يقل عن سنة لدراسة الظاهرة التربوية في بلادنا، ومتطلبات الإصلاح التربوي في البنية التعليمية، ومعرفة مظاهر الخلل، والجوانب التي يمكن استثناؤها من عملية الترميم التربوي..

ولعل هذا بديلا علميا، وعمليا للتقرير السياسي التوافقي الذي كان الأحرى أن يقدم لمجلس الإدارة السياسية، والتسيير الحكومي، لا كبديل عن الإصلاح التربوي، فالقوم لم يهتموا حتى بتحديد المصطلحات الإجرائية  في الدراسة التربوية، كالمجتمع الموريتاني الذي هو ليس أمة، وإنما جزء من أمته العربية، وتعليم أجياله لم تنفصل عن المشروعات التربوية للجامعة العربية، و التعليم في أقطار الوطن العربي،، ثم إن الحديث عن لغة  التدريس، يفرض تحديد لغة قواعواعدية، وليس اللهجات المحلية التي لم تحمل خصائص اللغة، ولا يمكن تعليمها في علوم اللغات الصوتية، اللهم  طريقة السماع الأحادية التركيز،، ومثال آخر عن المدرسة، كاسم مكاني للتعليم، وليس لها معنى المواد التربوية، والتعليمية، وطرق التدريس،،وهذا يطرح أكثر من سؤال حول مرجعيات التشاوريين وعلاقتهم بموضوع التكليف، الإصلاح التربوي الذي أحالوه الى تقرير إداري،،!

ولماذا الاستخفاف بمشروع تربوي، ينظر إليه على أساس أنه "مديونة" لأجيال المستقبل على المجتمع الحاضر، و"ظرفيته" السياسية،،؟

ولماذا تأخذ العزة بالنفس هؤلاء المقررين، والاعتداد بمعارفهم المختلفة، وإهمال قيمة التخصصات في العلوم المعاصرة،،؟

لأن من مظاهر الغرور المعرفي لدى هذا الفريق الإداري، ما يوضح إلى أي حد لازال المثقف الموريتاني، ينتمي الى مرجعياته القروسطوية، واعتباره موسوعيا: حكيما، وأديبا، وفقيها دينيا، ومستشارا سياسيا، وعالما تربويا، ومؤرخا على غرار ابن خلدون الذي كتب في  كتابه " المقدمة" عن علم العمران ، فاضطر الى تقديم مباحث نظرية  لفروع  من معارف عصره، وعندما أراد الكتابة عن التاريخ، فأخذ بمنهجية المؤرخين السابقين، بل كان أسوأ منهم من جهة إهماله لمراجعه، خلافا للبكري في كتابه "المسالك والممالك" الذي وثق مصادره التاريخية،لقد غاب علماء الاجتماع التربوي، واختصاصيون  في مناهج البحث العلمي ، وطرق التدريس، وعلم النفس التربوي عن لجنة التقرير الإداري المذكور، لأن الموضوع من صميم تخصصاتهم، وهم العارفون بالمرجعيات الحديثة، كنظريات التربية، والإصلاح التربوي التتبعي في كل المجتمعات المعاصرة التي طرقت أبواب الحداثة  به،، ولذلك نسأل اين النظريات التربوية ل " جون ديوي" العالم الأمريكي وهو الفيلسوف التربوي؟ وهل يعلم القوم خطورة إهمال نظرياته على المجتمع الأمريكي خلال قرن كامل، بينما كانت ايجابيات إصلاحه التربوي مصدر التقدم العلمي للاتحاد السوفييتي، وكيف أنه ركز على التعليم المهني، ففرض فتح المدارس والمعاهد ل" التعليم المهني" عن طريق تفكيك  الصناعات ، المخترعات، وإعادة تركيبها،، وبذلك  أوصل ـ بإصلاحه التربوي ـ الاتحاد السوفييتي الى الفضاء قبل العالم اجمع بما فيهم بلاده أمريكا،،،؟!

فهل فريقنا المشرف على تقريره خلال أيام التشاور المدرسي، كان يخاف من الإصلاح التربوي الذي يقود الى التقدم، نظرا لتعلقه  بالتخلف في عقله  الباطني، لذلك لم يقطع علاقته المعرفية معه، كتعلق البعض باللغة الفرنسية في المراحل التعليمية الأولى، فكان التقرير ناقصا، بل خاليا من الإصلاح التربوي الذي استعيض عنه بالتقرير السياسي الفج لوزارة التعليم ؟