الولوج للوظيفة العمومية أو التدرج إلى المناصب العليا ... بين تغييب الكفاءات والرضوخ لعامل المحسوبية والمحاباة

اثنين, 25/03/2024 - 18:53

لا شك أن الإدارة الموريتانية تعاني من إختلالات تراكمية عميقة لم يتم التغلب عليها بعد،  مثل سوء التسيير و التدبير والتجاهل و التقليل من شأن العنصر البشري الكفء في ظل غياب تبني سياسات تشغيل ناجعة و إرساء عدالة اجتماعية 
مما شكل صيروريا عائقا و عقبة أمام ولوج أصحاب الكفاءات و المؤهلات والخبرة للوظائف العمومية أو التدرج إلى المناصب العليا بشكل انسيابي يراعي معايير إدارية شفافة على غرار الأقدمية والكفاءة و الخبرة، مما كان له الأثر السلبي الكبير علي ضعف أداء الإدارة و تردي الأوضاع و تعطيل الخدمة، وبالتالي انتشار و اتساع  الفساد في كل الإتجاهات، لدرجة أن المواطن فقد الثقة في الإدارة.
ذلك ما أكده رئيس الجمهورية نفسه السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في مستهل كلامه آنذاك خلال حفل تخرج دفعة من طلاب المدرسة الوطنية للإدارة، حيث قال بالحرف الواحد: إن الرئاسة يصلها أسبوعيا كم كبير من الرسائل التي تتضمن  مشاكل المواطنين، مضيفا أن الكثير من هذه المشاكل يمكن حلها بشكل سريع لو كانت الإدارة تقوم بعملها على النحو المطلوب، منتقدا غياب الإدارة في جميع القطاعات الوزارية المعنية باستقبال المواطن و تقريب الخدمة منه.
صحيح ان ممارسات من قبيل المحسوبية و الزبونية و التحيز والمحاباة السياسية ما فتئت تخلق تضاربا في المصالح وتكافؤ الفرص داخل المجتمع و تقوض بناء الديمقراطية وتقلص مجال دولة القانون و المؤسسات.
وضع لم يكن وليد اللحظة بقدر ما هو امتداد سيئ و واقع أملته ظروف السياسة والديمقراطية حينها أسس لمرحلة من النفاق السياسي والتملق والظلم والغبن والتهميش كرست لمفاهيم مغلوطة كترسيخ البعد القبلي و الجهوي.
بحكم إعتماد الأنظمة السياسية السابقة على رجال الأعيان والنافذين في المجتمع من أجل ضمان المقعد الإنتخابي على حساب عامل الولاء الوطني، مما قوض مفهوم الدولة و أعاق تنمية البلاد في كل المجالات.
وضع تعزز لاحقا باستمرار تدوير و ترقية المفسدين والافلات من المساءلة و العقاب، إضافة إلى اتساع دائرة الإحتكار الأسري و العائلي و القبلي للحقائب الوزارية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، لعله الإستثناء الوحيد الغريب في العالم
في انتظار أن يجد المواطن البسيط ذاته في التشكيلات الحكومية القادمة من بوابة الكفاءة و الخبرة أو ولوج الشباب للوظائف والمناصب العليا وصولا إلى مصادر القرار دون المرور بالطرق الملتوية المعهودة أو ضرورة إتقان أبجديات السياسة التقليدية الكاذبة.
 في حين يجمع كل المراقبين للشأن الوطني أن الوضع الراهن للعمال غير الدائمين في مختلف قطاعات الدولة و داخل كبرى المؤسسات العمومية الخدمية ما هو إلا نتيجة حتمية لتداعيات السياسات الخاطئة المتبعة في الاكتتاب والترسيم و مآلات سوء التسيير و التدبير، في انتظار حلول سحرية  دون تسوية في الأفق تذكر.
لعل هذا ما دفع بآلاف الشباب الموريتاني من كل المستويات إلى التفكير و التحضير لهجرة خارج الديار رغم المخاطر بحثا عن حياة كريمة و غد أفضل.
حفظ الله موريتانيا 
 أباي ولد أداعة